07-31-2014, 12:35 AM
|
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
زهده
يقول هو عن الزهد : ترك ما لا ينفع في الآخرة وحقق هو هذا القول في حياته ؛ فقد أعرض إعراضاً كليا عن الدنيا واطرحها وزهد فيها ، وعاش للآخرة ، فلم يتول ولاية، ولم يتقلد منصباً ، ولم يجمع مالاً ،ولم يأخذ أعطيه ، ولم يضع درهماً على درهم أو دينار على دينار ، ولم يبن بيتاً ، ولم يتخذ سكناً ،ولم يأخذ مزرعة ، ولم يذهب في تجارة ، ولم يعمر عمارة ، ولم يتكثر من الملابس ، ولم يتآكل بالعلم ، ولم يذهب في حاجته الخاصة الدنيوية ، بل كان جل همه العلم النافع والعمل الصالح ، فما عرف في وقته أزهد منه ، وكان يرضى بالقليل من الطعام ، وكان لا يسرف في الأكل بل يكتفي بلقيمات ، وكان يلوه أصحابه على قلة أكله ، ومع ذلك لا يغير من عادته ، متقشفاً في ملبسة ، وما كانت تعرف له إلا غرفة واحدة بجانب المسجد ، مع قلة الملابس وقلة ذات اليد ، وما كان يميز بين الدراهم ولا بين الدنانير ،وكان ما يأتيه من المال دون طلب منه يصرفه في الحال على الفقراء وعلى المساكين ، ولم يمس عنده فيما يعلم درهم ولا دينار ، فأقر له الموافق والمخالف والمحب والمبغض بأنه آية عجيبة في الزهد والانقطاع إلى الله ن وإهانة الدنيا وعدم الالتفات إلى أصحابها ، وعدم توفير خدامها ، وإنما توفيره لأهل العلم وللعباد والزهاد وللصالحين عموماً .

تقشفه
مر شيء من هذا في الزهد ، ولكن علم أنه من شبابه لم يكن صاحب رعونة ، حيث يشغله ملبسة ومطعمه ، أو تلهيه هموم بطنه وشهواته عن معالي الأمور ، بل كان – رحمه الله – يحتزيء باليسير من اللباس واليسير من الطعام ؛ فكان يلبس الثوب الواحد والعمامة على ما تيسر من ملابس ، شأنه شأن أفراد الناس مع نظافة وطهارة ن وكان ينام على ما تيسر من فوائد هذا الحديث فراش ، فلم يتخذ الفرش الوثيرة ولا اللحاف الكثير ،ولم يعدد في اللباس ، ولم يكثر من الأطعمة ، فكان ربما اكتفى بالصنف الواحد من الطعام ، مقبلاً على شانه ، مهتماً بعلمه ، مستغرقاً أوقاته في عيادة ربه ، ما بين تلاوة وقراءة ومطالعة وذكر وتأمل وجهاد ودعوة وأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو إصلاح بين الناس .

|