« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات » |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
09-05-2014, 01:28 PM | #31 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
ابن تيمية ومسألة التكفير ابن تيمية معتصم – كما قلت – بالدليل ، عامل بالبرهان كتاباً وسنة ، مطلع على أسرار الشريعة ، عارف بمقاصدها ؛ ولذلك كان كلامه في التفكير من أحسن الكلام ، حتى إن له من الجدة في الحديث في هذا الباب ، والبراعة في التأصيل ، ما لا تجده عند غيره ، فقد نظر لهذه المسألة ، وأورد عليها أمثلة ، وطرحها بشتى الطروح ، وعدد الأساليب في ذكرها ، فاشترط وجود الأسباب في التكفير ، وانتقاء الموانع ، وجاء بمسألة الخطأ ومسألة العذر ، ومسألة التأويل ، ومتى يكون التكفير ، وتكفير المعين ، وماذا يمنع التكفير ، والقول المكفر ، والفعل المكفر ، وغير ذلك ، حتى صار كلامه مرجعاً في الباب ، ورأيت من ألف في مسائل التكفير أو ذكرها من الأئمة المعاصرين أو المتقدمين من بعد ابن تيمية ، فإذا هو يعود إلى هذا الإمام ويستشهد بكلامه ، ويقبل قوله ، ويحتج برأيه في هذه المسالة العويصة . التسلسل الفكري عند ابن تيمية ابن تيمية لا يخلط الأوراق ، ولا يورد الكلام على عواهنه ، بل يبدأ المسألة متدرجاً فيها من أولها إلى آخرها ، كالباني الذي يبنى لبنة لبنة ، وكالذي يصعد السلم درجة درجة ؛ فهو يبدأ بكمن أول المسألة مؤصلاً لك ، ثم يأخذ بيدك نقطة نقطة ، وفصلاً فصلاً ، وباباً باباً ، حتى ينتهي بك ، فلا يدخل الكلام بعضه في بعض ، ولا يعاضل في الحديث ، ولا يكون في كلامه ارتجاج ، بل تجده – مثلاً – إذا تكلم في مسألة الإيمان، أو مسالة الكفر ، أو البدعة ، أو الفسق ، أو غيرها من المسائل ، وبنى كلامه بعضه على بعض ، حتى يظهره لك فكرياً اثريا يمكن أن تجعله بحثاً مستقلاً . وقد رأيت له بحوثاً في ( الفتاوى ) عن سجود السهو والنوافل والأذكار والصدقة وغيرها ، فوجدت أنها بحوث متكاملة ، ربما لو انفصلت في رسالة ( ماجستير ) ، أو ( بحث جامعي ) لكفت وشفت ،ولما وجدت معترضاً . ابن تيمية المجتهد المطلق بقول بعض الفضلاء: إذا لم يكن ابن تيمية مجتهداً مطلقاً فلا ندرى من هو المجتهد المطلق ؟ ، فكل ما ذكره أهل المذاهب والعلماء في شروط المجتهد توفرت في ابن تيمية مجتمعة ، وزاد عليها في شروطه ؛ فإن ذكروا الحفظ فهو آية في الحفظ ، وإن ذكروا الفهم فهو مضرب المثل في الفهم ، وإن ذكروا معرفته بالمقاصد فهو إمام يرجع إليه في ذلك ، وإن ذكروا علمه باللغة فحسبك به ، وإن ذكروا قدرته على الاستنباط ، ومثله يكون مرجعاً في المسألة الاجتهاد ،وقد تلكم فيها هو وأوعب الحديث فيها أيعاب ، وأملى فيها فصولاً ،وتكلم بإطناب عن الاجتهاد والتقليد ، ومن يتتبع فتاويه ورسائله يجد أنه بلغ الغاية في الاجتهاد ، حتى إنه لحظ على بعض الأئمة الكبار الخطأ في كثير من المسائل وفي الاستدلال ؛ وبين سبب خطئهم فيها ، وغلظهم في بعض القضايا ، وبين غلظهم بالدليل والبرهان والحجة الدامغة التي لا تقبل الرد ، وقد أثنى عليه كثير من الأئمة ممن ترجموا له كالذهبي ، وكالشوكاني في ( البدر الطالع ) ، وذكروا أنه الغاية في هذا الباب – رحمه الله – ثناء الأصدقاء والأعداء عليه لا يجتمع الناس في الثناء على رجل إلا وقد فاق الأقران ، وابن تيمية من أكثر العلماء الذين حصل لهم حظوة ، ووجدوا محبة وقبولاً من الناس ، فأما أصدقاؤه وأحبابه وطلابه فحدث ولا حرج ، فمنهم من قال العبارات التي صارت كالأمثال ؛ كقول بعضهم فيه : لو حلفت بين الركن والمقام أتي ما رأيت مثله ، وأنه ما رأى مثل نفسه لصدقت وما حنثت ، كقول ابن حيان المفسر الأندلسي : أنه لم ير مثل ابن تيمية في الناس ابدأ ، وقول ينسب لبعض العلماء أنه لما رأى ابن تيمية لمبالغته في الكلام ، وقول ينسب للمزي أنه قال : لم يأت مثل ابن تيمية من خمسمائة سنة ، وكلام لو ذهبنا نجمه لخرج لنا مجلد كبير من الثناء الحسن على إمامته ، وزهده ، وصدقه ، وتواضعه ، وبراعته في التأليف وفي الفتيا ، وجهاده ، ودعوته ، وإصلاحه ، وأمره بالمعروف ونهية عن المنكر ،وشجاعته ، وكرمه ، وتقشفه ، وغير ذلك من أخلاقه التي ألفت فيها الكتب ؛ فقد ألف البر زار وابن عبد الهادي وأناس من المعاصرين بحوثاً ورسائل وكتباً فيه ، والعجيب أن الأعداء اثنوا عليه وببعض الجوانب ؛ لأنه أصبح كالشمس كما يقول المتنبي : وكيف يصح في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل ؟ ! فحتي أعداؤه من أقرانه وصفوه بالحفظ ، ومنهم من وصفه بالزهد ، ومنهم من وصفه بالتمكن ، بل العجيب إني سمعت علاماً من علماء السنة لقي عالماً شيعياً وتباحثاً في كتاب ابن تيمية (منهاج السنة ) الذي رد فيه على الرافضة ، فوجد الشيعي منزعجاً من هذا الكتاب ، ولكنه كان يقول للسني : لو أن عند كل طائفة رجلاً مثل ابن تيمية لوجب على هذه الطائفة أن تفتخر بهذا الرجل وتتشرف ، وحق لكم أنتم يا أهل السنة أن تفتخروا بهذا الإمام وتتشرفوا به ، وكثير من الطوائف – حتى من المخالفين – تعجب من ذكائه ونبوغه ، وذهل من عبقريته ؛ لأن المسألة أصبحت قضية ظاهرة ما تقبل اللبس ولا يختلف فيها اثنان ، ولا يستطيع أحد أن ينكر الشمس إذا طلعت على الناس ، أو يشكك في ضوئها ، أو يشكك في نورها هذا لا يكون ، ولذلك كان ابن تيمية فارضاً احترامه على الصديق والعدو، مثبتاً بجدارة أنه إمام يستحق الاهتمام والاعتبار والإنصات والإعجاب ، وكان مقصده – رحمه الله – ما عند الله عز وجل ، فحصل – إن شاء الله – ثواب الآخرة ، والثناء المستمر في الدنيا ، وهذا لسان الصدق في الآخرين . |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
Rss Rss 2.0
Html
Xml Sitemap SiteMap
Info-SiteMap
Seo By RaWABeTvB_Seo