« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات » |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-16-2013, 04:51 AM | #41 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
الاصدقاء الاوفياء هبه من الله
تأنس بمعاشرتهم وتسعد بقربهم وتستلذ بحديثهم هم بعد الله خير عون على الحياة إذ لاحياة بدون أصدقاء لست بصدد التعريف للصديق او لمعنى الوفاءولكن ماإن وجد الصديق الذي تجد السعادة في مجالسته والفائده والمتعه بحديثه والعون والمساعده منه فالزمه واحرص على دوام صداقته قد يمر عليك أطياف وشرائح من الناس ولكن الأصدقاء سيماهم في وجوههم الكيس من يميز بين مجالسيه من فيهم الصديق ومن فيهم غير ذلك من خلال امور كثيره وأهمها الشدائد جزى الله الشدائد كل خير عرفت بها صديقي من عدوي وهناك امور اخرى كالشراكه في الاعمال والاموال مثلا والسفر والسكن ووقت اقتسام الخيرات وتغير الاحوال والمناصب وغيرها الكثير والكثير كل هذا مفروغ منه ومتعارف عليه بديهيا ولكن لسنا سواسية عند فراق الأصدقاء وأعني بالكلمه الفراق الدائم وخير مثال لما نحن بصدد الحديث عنه (( المنتديات )) ومن تجربه خاصة فأنا فقدت الكثير من الأصدقاء لأسباب قد تكون فنية كإغلاق منتدى مثلا أو عزوف البعض عنها الخ أجد في النفس ماأجد من فراقهم بالأمس كان معنا من خيرة الأصدقاء من نأنس به ونتعلم منه واليوم لا أحد لاندري أهو حي فنرجوه أو ميت فنعزوه ولكن يبقى وقع ذكراهم كلما هبت نسائم الشوق للقياهم قد أكون أحد الأصدقاء الغائبين الذين أكتب عنهم الآن وسأكون كذلك يوما ما شئت أم أبيت |
|
03-16-2013, 04:56 AM | #42 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
يحكى ان أقوام في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا اجتمعوا على كذا وكذا
هم أناس مثقفون وه نساء مثقفات ( الهاء بعد الواو زائده وتغني عنها الحركه ولكني وضعتها لتأكيد النطق وراحة النفَس ) كان اجتماع مشهود وانعقدت عدة مؤتمرات ثقافية من كلا المعنين وتمخض عن اشياء وأشياء كلها تصب في الثقافه . تخلل الاجتماع جلسات على الهامش لمناقشة بعض التفاصيل وأنساهم الشيطان أنه يكمن في التفاصيل. ماحدث أثناء هذه الهوامش بروز أعين الصحافه لتصور وتوثق الهوامش . حرصا منهم على كل شي حتى الهوامش !!! انتهى المؤتمر وذهب كل شي مهم اجتمعوا له ( أدراج الرياح ) وبقيت الهوامش كانت مصب الحديث وحديث المجالس والركبان وأول الكلام وآخره حتى تولد من هذه الهوامش حرب . كانا أطراف النزاع فيها هما التياران المتضادان دائما . من أقصى اليمين الى اقصى اليسار . هذه المره لم تكن هناك بسوسا ولا داحسا ولا غبراء لتولد شرارة الفتنه . كان هناك طائرا يغرد خارج سربه فأطرب بصوته الأحياء المجاوره فقط لأن مزمار الحي لايطرب . دارت رحى الحرب بين كر وفر ومد وجزر والى هذه الساعة لم تضع الحرب أوزارها . والى هذه الساعة أيضا لم تبن الغلبة لمن . وإلى هذه الساعة لم يخرج شاعر كزهير بن أبي سلمى ليقول تداركتما عبسا وذبيان بعدما تفانا ودقا بينهم عطر منشم لأن وببساطه لم يخرج أحد ليصلح بين الفئتين . كما أننا نسمع أيضا بسقوط ضحايا ومن الطرفين على مستوى القاده . أتساءل عن أشخاص الثقافة وهم يكتبون مايكتبون ؟ أليس مايكتبونه املاءات الضمائر والسلوك المعتدل أم أن هناك مايحول بين الكاتب وقلمه . اذاً .. أستشف عن وجهة نظر فطرية أن لاخير في ثقافة لاتقّوم السلوك وتصلح المجتمع . |
|
03-16-2013, 05:06 AM | #43 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
أجد ما..أجد. كلما انتبه عن نوبة حزن ، ماتلبث أن تطبق على صدري ، وتمسك بخناقي ، وتقودني الى منصات الانتظار من جديد . وبالكاد أُفلت منها . وكل ذلك لمجرد ذكرى عابره ، جلبت معها شيء من الحزن ومرت به مرور الكرام على خلجات الفؤاد . تلك النوبة التي ماإن أشعر بدنوّها مجددا ، حتى أُرسل كل شيء كان مني على وضع الاستعداد الى وضعه الطبيعي ، خوفا من أن تغتالني على حين غِرّه . حالة الوضع الطبيعي التي أهرب اليها دائما ، ليست بتلك الحاله التي تلازم سليم الحواس عندما لايشتكي شيئا من المنغصات في بدنه وتفكيره . بل الأمر يحتاج الى مستويات أعلى ، من التصورات كي تشفع لها بالوقوف ولو على أدنى نقطة تتيح لها الاستشفاف بالمحاكاة عن بعد لتلك الرؤى . أهون ماأصف به حالي الطبيعية بالذهول المفضي الى التبلّد ، الذي لايعرّف نكره ، ولا يتعرّف معرفه . كل الكائنات من حولي جمادات لها خاصية الأكل والشرب والنطق والحركه . إني أفقد كل يومٍ شيئاً من قيمة التعرفة الكامنة ، لحاسة الاستشعار ، وبشكل مطّرد ، بمقدار ماألجأ الى طبيعة حالي في كل مرة . الأمر الذي يضمن لي استمرار الحياه ، في محيطٍ تعيش على ظهره الاموات . |
|
03-16-2013, 05:08 AM | #44 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
أهواكِ وأخشى البوح عن هواكِ
لأنني لاأعلم أ شاطئ يحتضنه أو موجٌ يقذفه وأي وقتٍ يؤذن به وأي مكانٍ يقال فيه عيناكِ تنذر عيناي عن تمتمة العيون وشفتاكِ تحذر بشتى التعابير من ترجمة ماينبض به القلب وأنا لاأملك من حطام الحب الا كلمة أقولها مع وقف التنفيذ كلماأراكِ ولا تريني كل المؤشرات توحي ولكن المباح من القول أصبح إباحي لايجوز قوله أخشى ساعة الصفر عندما تنفجر قنبلة البوح في قلبي أواه كم كنت ساذجا حين نزعت عنها صمام الأمان لقد أزفت ياقلبي لم يعد بوسعك الا التشظي فمحال أن تعود لسابق نبضك المعتاد |
|
03-19-2013, 08:38 PM | #45 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
كنت جالسا في إحدى المقاهي الواقعة على طريق الركبان ، أطلب الراحة لنفسي واستجمع قواي لمراحل السفر المتبقية ، وكان يجلس بجانبي (شخص) يثير الدهشة بالرغم من أن عليه علامات الوقار . كان مستلقياً على ظهره مسنداً رأسه الى متّكىء ورافع إحدى قدميه بمحاذاة التلفاز ويقلّب القنوات بأصابع قدمه!!! الأعجب من ذلك أنه كان يمسك بيده جهاز التحكم عن بعد ( ريموت كنترول ) دفعني الفضول كعادتي فقلت له ماالذي بيدك ؟ جوال مثلاً . فأشار اليه قائلاً : هذا ؟ قلت : نعم . فنهض كالفهد وضربني به ضربةً كادت أن تلحق الضرر بي لو أصابتني . تمالكت أعصابي قليلا ثم سألته ( الفضول مرة أخرى ) أأنت من أهل هذه القرية ؟ فلم يجبني . أخذت قليلا ثم مضيت لحاجتي ولما عدت وجدته قد أطرق رأسه على يديه التي كانت على ركبتيه بعد أن ثناهما وانفجر بالبكاء !!! بكاء كبكاء الفطيم ليلة فطامه ، أقل مايوصف به أنه بكاء مرير . هرعت اليه مسرعا ولما اقتربت منه سألته _ وأنا بكامل حذري خوفا من أن يوافيني بضربةٍ لاتخطئني كسابقتها _ ماخطبك يارجل ؟! فلم يجب . أخذت أكرّر عليه هذا السؤال مراراً الى أن سكت عن البكاء والتفت الي بنظرة تنذر بالبؤس وقال بصوت يدعو للشفقة : ومادخلك بي ؟!! أدركت أنه يعيش حالة من الحزن فاستلطفت له الى أن أجابني لدعوتي . انضم الى جلستي وأخذنا نحتسي الشاي معاً الى أن هدأت نفسه قليلاً ثم عرّفته بنفسي واخبرته بأني عابر سبيل حططت رحالي بهذا الخان طلباً للراحة وقد أتيت من كذا وكذا قاصداً كذا وكذا وشرحت له القصة . كان يمعن النظر بي كالمتأمّل وأجزم أنه لم يتلّقى كلمة مما قلت . بعدها سألته تحت تأثير الفضول ماالذي أبكاك ؟! فسكت مليّاً حتى ظننت أنه لم يسمعني فهممت بإعادة السؤال إلاّ أنه بادرني قائلاً : إليك عني ، إني قد أخّرت البكاء عدة مناسبات حتى أتت ساعة استأذنني فأذنت له على مضض وهذا مارأيته مني الساعة ولم يره أحد سواك فإذا مضيت لحاجتك فاكتم الذي بيني وبينك . ثم قام وانصرف لشأنه . أخذ الفضول مني مأخذه وأصبح لايقاوم فاتجهت الى سيارتي لاحقا به فوجدته يسير على قدميه فعمدته ونجحت بانتزاع الموافقة منه أن أوصله بيته ولكن بعد جهدٍ مضني . لما وصلنا البيت _ الذي لاتبدو عليه مظاهر الفرح _ نزل مستأذناً ومضى بعد أن دعاني فاعتذرت له . تقدمت قليلا عن البيت فوجدت شيخاً كبير السن _ قد استغربته الدنيا واستوحشها _ يستظل شجرة بقرب بيت صاحبي فسألته عن حاله فقال : يابني إن صاحبك هذا قد توفي أصغر ابنائه هذا الصباح إثر حادث مروري . قلت أولديه أبناءٌ غيره ؟ قال : سبعة من الأبناء قضوا نحبهم في ثلاث سنوات لاحول ولا قوة الاّ بالله . استأذنت الشيخ وأكملت سفري وأنا أفكر بحال هذا الرجل !!! لله دره ماأحلمه . |
|
03-19-2013, 08:43 PM | #46 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
كان أصغرهم سنا، وأرجحهم، عقلا وأكثرهم تحملا للمسؤولية، بل كان ابوه يعتمد عليه بكل شي تقريبا، دون البقية، اذ كان الأخوان الآخران لهم استقلاليتهما الكامله بحكم أنهما أرباب أسر . رغم أن أخاهم الصغير، كان العامل في الحقل، والراعي في الماشية، الا أنه يجد مضايقة من أخويه تحت مسمى بسط النفوذ، لولا ينهاهم أبوهم عن ذلك في مناسبات عدة، يصل التصعيد فيها أحيانا الى قلة اللياقة منهما، في مخاطبة أبيهما، التي تفتقر إلى أدنى حدود البر، ورفع الصوت، والتجريح بالفاظ لايستسيغها الغريب من الغريب . تلك الأحداث كانت تدور في قرية صغيره، تحيطها القرى احاطة السوار بالمعصم، في بيت متواضع، في مزرعة صغيره، تضم بعض المزروعات ،وعدد من الماشية . في البيت يسكن ذلك الشيخ، ومعه ابنه الصغير، وكانا يستبقان الصباح ،لتقاسم المهام،إلا أن الإبن له نصيب الأسد من العمل، بينما كان أبوه، وبحكم كبر سنه وضعفه، يقوم ببعض الأدوار التكميليه . يأتي دور الأخوين الكبيرين عند الحصاد، فما ينفكان ينتقدان المخصصات، ويمتعظان من آلية توزيع الحصص، رغم أن كل مايحتاجانه وأسرتهما من خير تلك المزرعه . استمر الوضع على ماهو عليه، حتى ضاق ابوهما بهما ذرعا، فحالهما لايبشر بخير، بل يزداد سوءا وتعقيدا مع مرور الوقت ،تماما مثل حاله ، فالمرض أخذ من صحته، واقتربت أيامه الأخيره، فخشي على ابنه، الذي كان منه بمنزلة يوسف من أبيه، وكان من أخويه بمنزلة يوسف من أخوته ، فقرر أن يوصي له بشيء من التركة،قبل أن يتوفاه الله، ويخرج الابن صفر اليدين . كتب الوصية وأشهد عليها ذوا عدل من أهل قريته، وكتب فيها أن لإبني الأصغر كل ماأملك من نقد، ولأخويه باقي العينيات . تلك الوصية التي شهدها أبناءه الثلاثه، وأقروا عليها بالإجماع ، ويعود السبب في اقتناع الأخوين الجشعين بالوصية وقبولها، أنهما كانا يظنان أن اباهما لايملك إلا النزر اليسير من المال . وعندما هموا بالخروج، طلب الأب من ابنه الصغير المكوث بجانبه، ليخفف عنه أوجاعه بمؤانسته له، وانصرف الأخوان فرحين بالغنائم، هاربين عن خدمة ابيهم، مستعجلين موته . جلس الإبن بجانب ابيه الذي أعياه المرض، ومع ذلك فقد تحامل على نفسه كثيرا، ليبلّغ ابنه كلاما هو من الأهمية بمكان، وقال : أي بني اني محدثك بحديث ليس من حديث الركب ،ولا بحديث أنس، وهو لك لا لغيرك، فاحفظه عني وتفكر به مليا، فإذا لم تفقهه، فاعمد الى من تراه أهلاً لتأويله . أي بني يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) عليك بالحج ولاتسوّف وانت قادر عليه . أي بني يقول النبي الكريم أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ) فإن رأيت يتيما فأكرمه وأحسن إليه . أي بني سوف تجد أناس هم لك أحسن من أخوتك لك، فرب أخ لك لم تلده امك . أي بني ادفع لكل عامل حقه، ولا تبخس من شيئا، حتى وان كنت تؤويه وتطعمه . ياعزيزي اني تركت لك من المال مالم يعلمه اخويك، وقد خبأته لك تحت باب المزرعه، فخذه بليل وغادر القرية على عجل . وإن لك أمانة عند عجوز تقطن سفح الجبل الشرقي، فلا تنساها. وأخير ا أحسن لمن أساء إليك فإن الإحسان خير كله . انتهى كلام الشيخ لابنه، وانقضى عمره في تلك الليله . وفي الصباح جاء الأخوان واذا بأبيهما قد فارق الحياة، فأمرا أخيهما بالرحيل، بعد أن اسكنوا أبيهم قبره، فطلب منهم مهلة ليوم واحد فقط، فأجابوه على مضض . ولما جن الليل، ذهب الولد فاستخرج ماله، وغادر القرية التي لم يفارقها قط في حياته، غادرها وشوقه الى مراتع طفولته، ومعاهد صباه يجذبه إليها،ولكن ظلم ذوي القربى يدفعه عنها . وفي الصباح توجه الى تلك العجوز لأخذ أمانته، بعد أن أخبرها بنبأه، فأخبرته أن امانته لم يحن موعد تسليمها بعد،وطلبت منه العوده في وقت آخر، وأبلغته بعدم التأخير . ذهب الشاب طالبا من هو لتأويل وصية ابيه بأهل، إذ أنه لم يستطع فك رموزها . فراح يجوب القرى، بحثا عن عالم كيّس فطن، يقرأ الخبر بين السطور، ويخبره عن ماوراء البحور . وصل الى قرية كبيره، حاضرة البحر، إلا انها تعلوه قليلاً، وتطل على الوادي الكبير، من الناحية الأخرى، فراعه المنظر الجميل، وانشرحت له أساريره، وقرر الإقامة فيها أياما للراحة والاستجمام . وفي الصباح سأل عن أعلم رجل في القرية، فدلوه عليه، ولما قابله طلب منه السماح له بالإنضمام الى تلاميذه فرحب به . كان قصد هذا الشاب الذكي، خلافا عن طلب العلم، التعرف على العالم عن كثب، ليرى مدى علمه وفطنته وكل مايتعلق به، وايضا لكي يكون قريبا منه، ويتجسر عليه شيئا فشيئا، فلا يتردد اذا ماقرر أن يسأله عن وصية أبيه . فاشترى بيتا بقرب الجامع، ليكون قريبا من العالم، وتاجر بما تبقى معه من مال، ليؤمن قوت يومه، فقسم وقته بين طلب العلم والمال، ونجح في طلبهما، حتى أصبح تاجرا وطالب علم مجتهد . مكث هذا الشاب عند العالم قرابة العام، يتلقى تعليمه بجد واجتهاد، حتى أصبح ذا حظوة عند شيخه . وفي يوم من الأيام، وبعد أن انصرف الطلاب، استأذن الشيخ بالحديث عن وصية أبيه، فأذن له، وبعد أن انتهى من الحديث، سأله الشيخ أسألة كثيره تتعلق بحياته، وأجابه عليها، ثم انصرف الشيخ دونما رد . استمر الوضع على ذلك أياما ليست بالقليله، حتى نفد صبر صاحبنا . كان قصد الشيخ الفطن من تناسي الموضوع، هو تشويق تلميذه لمعرفة الحقيقة،حتى يكون على أتم الاستعداد، لمفاجئات لم تكن في الحسبان . عزم الطالب ذات يوم أن يسأل شيخه عن أمر الوصية، وانتظر حتى انفض الطلاب من حوله، ومن ثم استأذن الشيخ بالموضوع، فطلب منه الشيخ مرافقته للبيت، فأجابه الى ذلك. وبعد أن قدّم له واجب الضيافة، قال له يابني : إن أباك رجل حكيم، وإني قد قاربت بين كلامك وكلامه، فلم يتعارضا لدي، باستثناء شي من الغموض، لم أجد له تفسيرا، ولعل الله يطلعنا على خفاياه . يابني فأما قول أبيك : (يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) عليك بالحج ولاتسوف وانت قادر عليه ) فإن ظاهره حث على الحج، وباطنه إخبار بأنك ولدت برحلة الحج، وهذا يتوافق مع ماأخبرتني به، فقد قلت أن أمك ولدت بك وهي عائدة من الحج . وأما قوله أي بني يقول النبي الكريم أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ) فإن رأيت يتيما فأكرمه وأحسن إليه .) فظاهره فيه حث على الإحسان للأيتام، وباطنه يخبر بأنك يتيم . فقال الشاب وبدون شعور : وما العجيب في ذلك فقد أخبرتك بأن أمي ماتت وأنا صغير. فقال له الشيخ: على رسلك يابني، فلا تستبق الأمور، ودعني أكمل . فسكت وهدأ . ثم استدرك الشيخ قائلا : يابني أماقول أبيك : (أي بني سوف تجد أناس هم لك أحسن من أخوتك لك فرب أخ لك لم تلده امك ) فظاهره معلوم للجميع، وباطنه يخبر بأن أخويك ليسا من أمك . هنا كانت الصدمة للشاب فأراد أن يتكلم، إلا أن الشيخ أشار له بالتوقف، وطلب منه عدم المقاطعه مرة أخرى، ريثما ينهي حديثه . ثم استمر الشيخ قائلا: وأما قول أبيك : (أي بني ادفع لكل عامل حقه ولا تبخس منه شيئا حتى وان كنت تؤويه وتطعمه ). ففي ذلك دلالة واضحة على أنك لست ابنا له، وانما كنت أجيرا لديه، يطعمك ويؤويك، وقد أعطاك حسابك قبل موته دون أن يبخس منه شيئا، ولم يكن ذلك ميراثا، وإلا كان كتب لك من المزرعه أو البيت . وأما قوله : (ياعزيزي اني تركت لك من المال مالم يعلمه اخويك وقد خبأته لك تحت باب المزرعه فخذه بليل وغادر القرية على عجل . ) فإنه من الوضوح بمكان، على تأكيد ماأسلفت قوله، فقد قال في آخر كلمة خاطبك بها ( يا عزيزي ) وهذه لايقولها أب لابنه بهكذا موضع ، وقد خبأ لك باقي أجرتك كي لايطمع أخويك بها، وهذا وراء قوله ( خذه بليل وغادر القرية على عجل ) حيث أنه خشي أن يغتصباك المال إذا علما بوجوده . هذا ما لدي حول وصية أبيك والله أعلم وأحكم . أسقط في يد الشاب من هول ماسمعه والتزم الصمت قليلا ثم نطق وقال : ابن من أنا إذا ؟! قال الشيخ : لا أعلم . ثم استدرك بقوله : أما قال لك شيئا غير ماقلته لي ؟ قال : بلى . قال الشيخ : وماذا قال ؟ قال : قال لي ( إن لك أمانة عند عجوز تقطن سفح الجبل الشرقي فلا تنساها وأخير ا أحسن لمن أساء إليك فإن الإحسان خير كله ) فقال الشيخ : سامحك الله ولم لم تقل ذلك . فقال : ظننت أنه قول تختص به العجوز عن غيرها . قال الشيخ : إذا فانطلق إليها فإن لديها سؤلك، ولا تنسى فضل من رباك، فإن اردت أن تبره في أبناءه فافعل، فإني أظنهم في أمس الحاجة إلى إحسانك . انتهت المقابله لتلك الليله . وفي غداة اليوم الجديد، توجه الشاب إلى قرية تلك العجوز، ولما وصل القرية بعد أيام من السفر المتواصل، ذهب مسرعا الى بيتها، وما إن رآها، ناشدها الله على الفور أن تخبره بماتعلمه عن نسبه . فأخبرته بالخبر وقالت: إن صاحب المزرعة الذي رباك وزوجته، كانا قد ذهبا للحج مع قافلة كنت أنا من أهلها، ولما رجعنا قافلين، ولدت زوجته ولدا، مات بعد ثلاث أيام من ولادته، وفي نفس اليوم الذي مات فيه ابنها، أتى المخاض امرأة كانت مع القافله، لم نعلم بحملها، فطلبت منا المساعده، وكان الوقت ليلا، فأخذناها بعيدا عن الناس، وساعدناها حتى انجبت ولدها، وكانت قد أوشكت على الهلاك، ولما بشرناها به بكت !!! وقالت لأمك: إني قد وهبتك إياه، عوضا عن ابنك الذي مات،فإني قد لا أبرح هذا المكان، فقد دنى أجلي، وقربت منيتي، فخذيه فليس له معيل ،أرجوكي أن تأخذيه، وتحسني مثواه، وتصلحي تربيته، فإنه عمل غير صالح، وما كانت حجتي إلا كفارة عن ذنبي، عسى الله أن يغفر لي ويرحمني ... وماتت رحمها الله قبيل الفجر . وأنت ذلك الولد، الذي أتت به أمك زوجها، متوسلة إياه أن يقبله ويكفله، بعد أن أخبرته بخبر المرأة التي انجبته، فوافق واشترط كتمان الخبر، وعلى أن يتبناه لا ليكفله . فصرت لهم ابنا، ومن ثم ماتت أمك لخمس سنين مضين من عمرك،فتولى أبوك تربيتك، وأحسبه قد أهتم بك أكثر من ابناءه، وقبيل وفاته أتاني وقال لي : إذا جاءك ابني يسألك عن نسبه فأخبريه، وذلك قوله لك ( إن لك أمانة عند عجوز تقطن سفح الجبل الشرقي فلا تنساها ) انتهت فصول الوصية، وباتت جلية للشاب، ولما يتبقى منها إلا مقالته له ( أحسن لمن أساء إليك ) فتوجه إلى اخويه،وفعلا وجدهما بأمس الحاجة الى المساعده، فقد باعا البيت والمزرعة، على تاجر في القرية يشتري الدور والبساتين، وقد أعملهما عليها بأجرة بخسة، دراهم معدودة، بعد أن يخصم عليهما أجرة سكنهما في البيت الذي في المزرعة . ولما رأى منهما العوز وقلة الحيله _ وكان ذا مال وفير _ سألهما ماذا عملا بثمن البيت والمزرعة ؟ فأجاباه بأنهما تاجرا به ولم يوفقا بتجارتهما، بل تكبدا من الخسائر والديون ماالله به عليم . ثم رجعا إلى التاجر الذي اشترى البيت والمزرعه، وتوسلا إليه أن يشغلهما في المزرعة، على قوتهما وقوت أهليهما وسكناهم وشي من دراهم قليل فوافق على ذلك . عندها قرر مساعدتهما، بشراء المزرعة والبيت، على ان لايعودا لبيعهما، وسدد الدين الذي عليهما، وأعطاهما مالاً يبتاعان به مايحتاجانه واهليهما، وخصص لهم صلة كل عام، وكان كل ذلك برا بأبيه، على سوء معاملة أخويه له . من يفعل الخير لايعدم جوازيه لايذهب العرف بين الله والناس ثم عاد بطل قصتنا إلى قريته ولزم شيخه وتزوج ابنته وتابع تجارته وعاش بسعادة ورخاء . |
|
03-19-2013, 08:57 PM | #47 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] على حقيقة امري أني ولد امي ولا شك في ذلك فقد ولدتني لسنين خلين من عقدٍ منصرم وبذلك تكون قد اختتمت مرحلة الانجاب . ولدت خديجا على اشهر اقوال الرواة ، أو بالأصح أقرب الى الخديج من النضيج . وأيا كان ذلك فأنا قد استغرقت مرحلة نمو الجنين المكتمل ، ولكني عاجلت ولا أعلم سببا لتلك العجله . كانت قد أخبرتني بمنام رأته قبل ولادتي ومازالت تخبرني به حتى سنينها الأخيره ، ولكني لن اخوض في ذلك ، لأني لاأرى ضروره يقتضيها الحال للعروج الى الرؤى والمنامات . رحماك الله بأمي فقد حملتني ثقلا ووضعتني كرها وفصلتني في ادنى من الحولين على أغلب الروايات . وذلك الفصل كان مني إذ لم أكن حريصا على اتمام الحولين ، فأنا الذي فطمت نفسي وكفيت امي عناء ذلك في مثل ماتجده الامهات من فطام الرضّع . كان لأبي رحمه الله في حياتي أدوار وأطوار غاية الأهمية ، في تكويني وتلويني , ولأنني لست بصدد الحديث عنه فلن أتطرق اليه مكتفيا بالترحم عليه كلما جاء بشير ذكراه الى قلبي . تعلمت كل حركات المهاد الأول بمفردي ، حتى المشي ، الذي جاهدت في تعلمه على شنئان أخي الأوسط ، الذي كان يتربص لأولى خطواتي ، ثم يهوي بي أرضا ، ويثخن في الضحك علي . لابأس فتلك عادة في الأطفال ، لايضحكون الا عندما يثيرون انتباه الآخرين على حساب المستضعفين . في سنيني الاولى الثلاث ، حل بي مرضٌ جلل ، أقلق والدتي وأتعبها ، وجعلها تلازمني السرير الأبيض في المستشفى الأسود ، الذي حار أطباؤه في تشخيص مرضي ، وأخذوا يتكهنون لي الوصفات ويقيمون التجارب ، حتى كدت أن أكون حرضا ، من شر ماوجدته . لم تكن امي تعرف طعما لنوم أو راحة ، فكانت قلقه على ابناءها الصغار في البيت الذين هم بأمس الحاجة لها ،وفي الوقت عينه لاتستطيع أن تتركني ، وقد ساء حالي وتغيرت ملامحي وهي ترى الموت يفتك بالاطفال من حولي ويبقيني ، فتشبثت في آخر أمل للحياة وأمّلت بالله ولم تكترث لتلك الصيحات المنادية بالتخلي عني ، إذ أني في نظرهم هالكٌ لامحاله . إيــــه . أراد الله لي الشفاء ، ورأتني أمي أتحسن يوما بعد يوم ، والسبب يعود الى طبيب اكتشف علتي وصرف الدواء الناجع ، وماهي الا أيام حتى أذن لي بالخروج من المستشفى بين يدي أمي التي اعترتها نشوة الفرح والانتصار ولم يسعها الا ان حمدت الله على سلامتي . إنني أحرص وأنا أكتب كتابي هذا ، ألا تصيبني معرّة البُلهاء ، لذلك سوف أكون فطناً حريصاً لكل حرف ، يكون في كلمه ، تتضمن جملة مفيدة ، غير قابله للتأويل والتمثيل ، كي لايختلط حابلٌ بنابل ، ويراود سياقٌ سياقاً مشابه . تلقيت الركبان من اخوتي ، وانا في الرابعة من عمري ، علّي أجد مايجلبونه معهم من طرائف وهم في طريق عودتهم من المدرسة ، مترادفين الحمار _ أعزكم الله _ بعد أن يردوا ماء السبيل وقد عدلوا على ظهره قربتين أو راويتين فيصدرون بها الينا كل يومٍ تقريبا , فنحن في أول الأمر كنا بدوا رحّل ، لايقرّبنا الى القرى الا المدرسة والماء ، وما عدا ذلك فنحن نطرد العشب الآبق ربيعا ، والحصيد اليابس شتاءاً ، غير مكترثين بمدرسة الا في الصيف ، ففيه يكون الحضور الى المدرسة فرض عين وما عداه فرض كفاية . كنت أجد مع أخوتي شيئا من السكاكر ، ماأتلذذ فيه غاية التلذذ ، وأكاد أجد طعمه على لساني كل ماتذكرته . ثم ينتصف الحديث بيني وبين اخوتي في منتصف الطريق ، وعلى عجاله كانوا يستعرضون لي يومهم المدرسي ، وكنت أوافيهم بأهم الحداث في غيابهم . ثم ننقلب قافلين الى أهلنا وأمنا في الانتظار ، فقد أعدّت لنا طعام الغداء ، وقد أطلّت من شارع البيت تترقّب مجيئنا بفارغ الصبر . أنا وبكل تأكيد سبب التأخير اليومي ، فمشاغباتي لاتهدأ ابدا ، قد أهشّ على الحمار ليسقطوا ، فتسقط القرب ، وعندها أُعنّف وأُوبّخ وقد أنال ماأنال من الضرب الذي أستحقه وأبكي . أخوتي لايلامون بضربي فإعادة القرب المملوءة على ظهر الحمار ليس بالأمر الهيّن على أطفال منهكين ، وقد أعياهم التعب ، وأزهقتهم حماقاتي المستمره . ولدى وصولنا البيت نجتمع على الطعام ونأكله كله تنفيذا لوصية أمنا كي نكون أقوياء بين الأطفال وقد نجعل شيئا يسيرا من الطعام نطعمه لكلابنا . فأخي الاكبر له الكلب الكبير ، والأوسط للأوسط ، أما الجرو الصغير فإنه لي ، فإذا وضعنا الطعام دفعة واحدة ، انفرد به الكلب الكبير ، ولم يبقي لكلبينا شيء ، فأرى أنا وأخي الأوسط ، أن نطعم كل كلب على حده ،ليأخذ كل كلب نصيبه ، ويرى أخونا الكبير أن ذلك من التكلف الغير مبرر فلا يجيبنا اليه . ايـــه . وفي العام الذي يليه ، توجب علي أن أذهب مع اخوتي الى المدرسه كطالب مستمع ، وأنا في سن الخامسه ، ولكن هناك مشكله ، فالحمار لايحملنا معاً ، فتبرع أخي الكبير بالذهاب الى الى المدرسة ماشيا ويعود كذلك ، كي يتسنى لي الذهاب راكبا الى المدرسه ، بقيادة الأخ الأوسط . وصلنا أول يوم الى المدرسة الابتدائية ، التي كانت عبارة عن صف واحد لجميع الطلاب ، وفناء كبير مفتوح وآخر مغلق ، وغرفة للمدرس والمدير . كان عدد الدارسين آنذاك حوالي العشره اثنان في الصف الخامس واثنان في الصف الرابع وثلاثة في الصف الثاني ومثلهم في الصف الأول وأنا الطالب المستمع ، وبالطبع لم أكن محسوبا على المدرسة . أمي غفر الله لها لم تبخل علينا بشيء ، فكانت تجهز لنا الفطور في الصباح وايضا كانت تحمّلنا الفطور الى المدرسه من خبز مدهون وأطعمه أخرى ، إذ كانت تنوع لنا الطعام خشية السئامه . وتزودنا ببعض الريالات . اما الخبز فلا نأكله فيكون من نصيب المدرس لأننا نرغب في الحلويات أكثر . ذكرت أن هناك فصلا واحدا لجميع الطلاب وهناك أيضا مراحل ليس بها طلاب هي الثالث والسادس فكان المدرس يدرس جميع المراحل معاً ، وكنت بما منّ الله علي به ، استوعب شيئا من ذلك كل يوم ، واذا انصرفنا من المدرسة توجهنا الى دكان الحج درويش ، واشترينا بما معنا من ريالات بعض السكاكر ، وذهبنا الى البيت .واخي الكبير كان يعود الى البيت راجلا ، وكنا راكبين فنسبقه الى السبيل ونملأ القرب ونصل سويا الى البيت ، وكان السباق على أشّده دائما . هناك شيء أود أن أشير اليه فقد نسيته ،وهو اننا اذا وصلنا المدرسة من كل صباح ، علقنا القرب على غصن طلحة ، ونقيد الحمار بقيد قصير جدا ونتركه في الوادي المجاور للمدرسة ، فهكذا كانت التعليمات ، واذا انصرفنا قد لانجد الحمار الا بعد مشقه ، واحيانا يستعصي علينا مسكه وهكذا الحال الى أن جاءنا الفرج ، فقد كلفت الحكومة للطلاب ، ناقل رسمي من والى المدرسة كما كلفت لقاطني القرية ساقياً يسقي البيوت وبذللك تنفسنا الصعداء وارتحنا ، الا ان شيئا عكر صفونا ، فقد توفي الحج درويش ، واقفلت دكانه وحرمنا السكاكر . هذه بعض من صور حياتنا في القرية ، التي مالبثنا بعدها وانتقلنا الى المدينة وما أدراك ماالمدينه؟! في المدينه حياة سهله جدا ، فكل شيء متوفر ، الا أمرين السعاده وحسن الجوار ، فضاقت علينا المدينه بما رحبت ، وانكفئنا حزناً على ماضي حياتنا ، وكم تمنينا العوده ، ولكن ليس لنا من الأمر شيئا ، فاضطررنا الى تقبّل الحياة ومعايشتها بما فيها . أما أخواي فقد تركا المدرسه واتجها الى العمل . أما انا فقد صبرت على صعوبة التكيف مع مدارس المدينه حبا للعلم ليس الا . وكأن السنين مرت سريعه ، وانفرط عقد العائلة الجميله . فأبي انتقل الى رحمة الله ، واخوتي استقلا بعد الزواج ، ولم يبقى في البيت الا امي وأنا . لاأدري مااقول في وصف تلك الفتره ، على مامر بها من صعوبات ، الا انها كانت جميله وحسب . فأنا مذ أن عرفت أبواي ، وهما كبار في السن ، ولم ألمس منهم الا الجدية في التعامل ، بما يناسب السن الذي كانا فيه . وأعود للحديث عن امي رحمة الله عليها ، فقد تكفلت بكل شيء تقريبا ، فكانت توقظني للصلوات وللمدرسة وكانت تطبخ وتغسل وما الى ذلك ، ويتقلص دوري في أني سائق مطيع فقط ، فكنت احملها الى الوجهه التي أرادتها , فكنا نصل الرحم ونعود المرضى ونجلب مانحتاجه من السوق و و و . قد نتعاون في بعض الأمور ، ونختلف على بعض الأراء ، ولكن التفاهم كان سيد الموقف دائما . فرغم تقصيري واخلالي بكثير مما يوكل اليّ فعله . كنت أنظم لها الأبره مثلا ، وأغسل الصحون في حالات المزاج العالي ، وأرمي بالقمامة خارج البيت ، وماعدا ذلك فكان كل شيءيقع على كاهلها . كانت تصوم التطوع وكنت أفطر ، ولكن مع هذا كانت تعد طعام الغداء لي ، وكنت آكله على مضض لأني أعلم بأن هذا الشيء يسعدها ، وأبلغها في كل مره أنه يتوجب عليها اذا صامت أن لاتفعل ذلك ، ولكن لاحياة لمن تنادي ، مما اضطرني الى الهرب نهار صومها أحيانا الى بيت أخوتي . انها امي الأميه العابده الناسكه التقية ، لاتزال كل يوم تقدم التضحيات لنا ، وكأنها لم تقدم شيء. زاد في سنينها الاخيره تنسكها وورعها ، فلم يثنها برد الشتاء ولا حر الصيف ولا الأمراض المصاحبه لها ، عن تقربها الى الله بالطاعات من صلاة وصوم وذكر وتسبيح ، فسبحتها الخشبية الكبيره ، ومذياعها الموجّه الى اذاعة القرآن الكريم كل مايشغلها بالحياة ، فهي لاتعرف تتعامل حتى مع الجوال الا في حالة الرد فقط . الى أن توفاها الله وهي على هذه الحال البسيطه في كل شيء ، لاتعرف المراء والجدال والغيبه والحقد ، دائمة التسامح ، عفوية التجاوز ، سمحة اللقاء ، طيبة لخلق ، حسنة المعشر . أسأل الله أن يغفر لها مغفرة من عنده ، ويتغمدها بواسع رحمته ، وعظيم كرمه ومنّه وجوده واحسانه انه هو الغفور الرحيم . وخلفتني بعدها وكأني لم أعرف أحدا من البشر غيرها أأنس به . فمالي أنتظرها على الطعام فلا تأتي واناديها فلا تجيب ، وانتظرها أن توقظني فلا تفعل واظل الساعات الطوال في فراشي ، علّ صوت أو رجع صدى يأتي من بعيد قائلاً : أما زلت نائماً أيها المدثر ؟!!! أذكر انها قالت لي انك أنت من فطمت نفسك ، ولكنها أصرّت أن يكون لها دور في الفطام كباقي الامهات ، ففطمتني رؤيتها مجدداً . |
|
03-19-2013, 09:02 PM | #48 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
كلكم او اكثركم يعرف ماوكلي فتى الادغال ، ذلك الكائن البشري ( طبعا افتراضيا وليس حقيقه ) الذي استنكر البشر حين رآهم لاول وهله ، لايلام ذلك الفتى فقد ارضعته ذئبه وعاش في كنف الغابه ردحا من الزمن فكيف يألف البشر ؟ وكلكم يعلم خبر الصعلوك ( تأبط شرا ) الذي يقول عوا الذئب فاستأنست بالذئب اذ عوى وصوّت انسانٌ فكدت اطير درى الله أني للجليس لشانئٌ وتبغضهم لي مقلة وضمير انه صعلوك الجبال ولا يلام على قوله هذا اذ ان اهله وعشيرته هم من أجبروه على هذا القول عندما طردوه ولم يجره أحد من القبائل . وهناك مقارنات بين فتى الادغال وصعلوك الجبال تدركونها بمجرد ان تقارنوا بين الاثنين . كما ان بينهم مفارقات تدركونها ايضا كسابقتها . هذه مقدمه لبطل القصة التي انا بصدد الحديث عنها . هو العكس تماما فقد نشأ بين بني جلدته ووسط عشيرته محبوبا مرموقا وقد ارضعته امه وتربى بكنف والديه واخوته فهو يعرف البشر تماما كما يعرفونه فلماذا استنكرهم مؤخرا وأصبح لايألف بهم ولا يؤلف منهم ؟ الجواب كلمه واحده انها الاقدار فقد نشأ يتيما بعد موت ابيه وعانى الأمرين من ظلم ذوي القربى وقهر الرجال . ولكنه نهض بما ينوء عنه الشديد من الابطال بقدرة الله وحده ثم بعزمه . وغدى فتى شديد العارضه مهاب الجناب ذو ثروة في قومه وواسطة في نسبه . الى ان كسرت ظهره الاقدار من جديد وتوالت عليه فراق الاحبه فتارة يموت اعز اصدقاءه وتارة يموت اغلى اقرباءه فأخذت تلك الاحداث من بريق عزمه ولمعان بأسه الشيء الكثير الى ان جاءت القاصمة ابان موت امه !!! هو رجل انعم الله عليه بنعم كثيره وليس بحاجة الى احد غير الله الا انه بشر يأنس بقرب الناس ويتفاعل مع ثورات الفرح وهفوات الحزن . بعد موت امه انقطع عنه مدد الحياة . فخلا البيت من اي كائن حي بشري وخلا ايضا من كل مظاهر الانشراح وهجره اكثر الزائرين الذين كانوا يترددون على البيت صباح مساء على حياة امه حتى اخوته الكرام بعد الاستقلاليه قلت الزيارات المتكرره الدائمه الطويله واستبدل عنها بزيارات خاطفه متقطعه في عمر الدقائق والعله في ذلك ان البيت اصبح كئيبا بعد انطفاء نوره بموت شمعته المتقده . نعم هو سبب وجيه ولكن لايفضي الا العزله المقيته . فكر هذا البطل ان يغزو المجتمع من جديد ولكن هذه المره ليست كسابقتها . فالوحده خارت قواه واضعفت عزمه ونالت من شجاعته . فضاقت عليه المسالك كلما غدا او راح الى صديق او اخ او قريب . لايجد ماينشده لديهم ولا يعرف لذلك سببا فقد اصبح لايؤنس به ولا يستأنس بحديث وقد مل المجاملات واعيته المحاولات . تماما كماوكلي فتى الادغال يستنكر وجود البشر . فهل لايلام مثله ؟ |
|
03-30-2013, 12:58 AM | #49 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
هذا حسابي على تويتر لكل من يريد التواصل معي على الرحب والسعة
@staars4 |
|
04-27-2013, 12:23 AM | #50 |
عضو مجلس الادارة
|
رد: موطن كلمات المنفى
نام المريح وصاحي القلب مانام يرقب نجوم الليل لامن سرت به والله مايهنى له النوم مادام سلطاننا سود الليالي غدت به سلطان تبكيه الارامل والايتام ويبكيه عودٍ خطوته وقفت به ويبكيه منهو من عنى الوقت منضام اللي قيود هموم بقعا حزت به ويبكوه سكان اليمن مع هل الشام ومن شرقت به شرق او غربت به وتبكيه بنتٍ تشتكي ظلم الارحام لاوسعادة عينها لاعتزت به ويبكيه طفلٍ به خبيثات الاورام اللي تفشت فيه حتى سطت به ويبكيه مشلولٍ له سنين ماقام مدات يمناه الكريمه سعت به وتبكيه فوق الارض قاده وحكام من حبها له سارعت واقتدت به ويبكيه باقصاها مخاليق واقوام تعلمت من سيرته واهتدت به ويبكيه جيعانٍ غدا جسمه عظام نفسه على بير المنايا هفت به مرحوم ياذخر العروبه والاسلام لاياعمدها لاعتزت وانتخت به والله لو النفس تفدى من السام ماكانت سهوم المنايا رمت به |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Rss Rss 2.0
Html
Xml Sitemap SiteMap
Info-SiteMap
Seo By RaWABeTvB_Seo