« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات » |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-31-2014, 12:31 AM | #11 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
سلامة مشربة ابن تيمية صاحب المنهج الوسط العدل الصحيح الصافي ، فقد أخذ مشربة من كتاب الله عز وجل وسنه رسوله عليه الصلاة والسلام ، فلا تعرف له بدعة ولم تحفظ عليه مخالفة للكتاب والسنة ، بل كان دائماً مع الدليل ، مع الآية والحديث متبعاً من سلف من أئمة الإسلام من الصحابة والتابعين ، لا يخالفهم ، وإنما يشد من أزرهم ويقوي منهجهم ، ويدعو إلى مذهبهم وإلى منهجهم – رضوان الله عليهم – موقراً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معظماً ربه كل التعظيم ن ومحترماً أئمة الإسلام ، ولا يقول بعصمة غير الرسول عليه الصلاة والسلام ، فكان – رحمه الله – الإمام المعتبر في سلامة المنهج ، وصحة المعتقد ، وصفاء المذهب ، حتى سارت على منهجه مدارس وجامعات وجماعات وطوائف ، واستحسن أهل البصيرة ما سلكه – رحمه الله – في كتبه وفي رسائله وفي منهجه الإصلاحي فجزاه الله عنا خير الجزاء . |
|
07-31-2014, 12:35 AM | #12 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
زهده يقول هو عن الزهد : ترك ما لا ينفع في الآخرة وحقق هو هذا القول في حياته ؛ فقد أعرض إعراضاً كليا عن الدنيا واطرحها وزهد فيها ، وعاش للآخرة ، فلم يتول ولاية، ولم يتقلد منصباً ، ولم يجمع مالاً ،ولم يأخذ أعطيه ، ولم يضع درهماً على درهم أو دينار على دينار ، ولم يبن بيتاً ، ولم يتخذ سكناً ،ولم يأخذ مزرعة ، ولم يذهب في تجارة ، ولم يعمر عمارة ، ولم يتكثر من الملابس ، ولم يتآكل بالعلم ، ولم يذهب في حاجته الخاصة الدنيوية ، بل كان جل همه العلم النافع والعمل الصالح ، فما عرف في وقته أزهد منه ، وكان يرضى بالقليل من الطعام ، وكان لا يسرف في الأكل بل يكتفي بلقيمات ، وكان يلوه أصحابه على قلة أكله ، ومع ذلك لا يغير من عادته ، متقشفاً في ملبسة ، وما كانت تعرف له إلا غرفة واحدة بجانب المسجد ، مع قلة الملابس وقلة ذات اليد ، وما كان يميز بين الدراهم ولا بين الدنانير ،وكان ما يأتيه من المال دون طلب منه يصرفه في الحال على الفقراء وعلى المساكين ، ولم يمس عنده فيما يعلم درهم ولا دينار ، فأقر له الموافق والمخالف والمحب والمبغض بأنه آية عجيبة في الزهد والانقطاع إلى الله ن وإهانة الدنيا وعدم الالتفات إلى أصحابها ، وعدم توفير خدامها ، وإنما توفيره لأهل العلم وللعباد والزهاد وللصالحين عموماً . تقشفه مر شيء من هذا في الزهد ، ولكن علم أنه من شبابه لم يكن صاحب رعونة ، حيث يشغله ملبسة ومطعمه ، أو تلهيه هموم بطنه وشهواته عن معالي الأمور ، بل كان – رحمه الله – يحتزيء باليسير من اللباس واليسير من الطعام ؛ فكان يلبس الثوب الواحد والعمامة على ما تيسر من ملابس ، شأنه شأن أفراد الناس مع نظافة وطهارة ن وكان ينام على ما تيسر من فوائد هذا الحديث فراش ، فلم يتخذ الفرش الوثيرة ولا اللحاف الكثير ،ولم يعدد في اللباس ، ولم يكثر من الأطعمة ، فكان ربما اكتفى بالصنف الواحد من الطعام ، مقبلاً على شانه ، مهتماً بعلمه ، مستغرقاً أوقاته في عيادة ربه ، ما بين تلاوة وقراءة ومطالعة وذكر وتأمل وجهاد ودعوة وأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو إصلاح بين الناس . |
|
07-31-2014, 12:38 AM | #13 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
سنيته اتباع السنة منحة ربانية وعمل صالح مبرور من أعظم أعمال العبد ، ولا يحصل ذلك إلا توفيق من الله ، وفرق بين أن يقرأ العبد السنة ويطالعها ويحفظها وبين أن يضيف إلى ابن التسنن بها وظهورها على حركاته وسكناته ، وكذلك كان ابن تيمية –رحمه الله - ؛ فقد ظهرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قولا ًوعملاً ، في عباداته ، في معاملاته ، في كلامه ، في أخذه وعطائه ، في سلمه وحربه ، في رضاه وغضبه ، في تأليفه وفي رسائله ، في خطبه ودروسه ومواعظه وحواره وجدله ، فكان من نظر إليه ذكر الله عز وجل وتذكر سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكان معظماً للرسول صلى الله عليه وسلم ، موقراً له، خاشعاً بين يدي سنته ، مستسلماً لحكمه ، معظماً لحديثه ، متبعاً لآثاره مقتدياً بكل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام ، فظهرت بركته على أصحابه وطلابه وتلاميذه ، حتى قالوا ما رأينا أكثر عملاً بالسنة من ابن تيمية ، ولا رأينا من لاحت عليه معالم السنة في كل حركة من حركاته من شيخ الإسلام ، حتى إن من رآه تذكر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، يذكرك به في لباسه ، في عمامته ، في قميصه ، في نومه ، في يقظته ، في أكله وشربه في ذهابه وآياته ، في مخالطته للناس وفي عزلته ، مستمسكاً بالسنة حرفاً وجملة وأثراً أثراً ، فغفر الله له . سلفيته ابن تيمية هو إمام السلفية في عهده والعهود التي لحقته ، فكان على منهج السلف اعتقاداً وتعبداً وعملاً وجهاداً ، فهو السلفي بمعنى الكلمة ،فلا يعرف في عهده ولا بعده من احتذى حذو السلف أو اقتدى بالسلف أو اقتدى بالسلف حذو القذة كابن تيمية ، فإنه قرر مذهبهم في المعتقد ؛ في الأسماء والصفات ، في توحيد الربوبية والألوهية ، في اليوم الآخر ، في القضاء والقدر ، في الوعد والوعيد ، في حب أهل البيت ، في حب الصحابه ، وفي كل مسألة كبيرة أو صغيرة من المسائل كان على منهج السلف ، ولم تعرف له مخالفة – رحمه الله - ، وليس معصوماً لكنه رجاع إلى الحق ، وكان مقصده أن يقرر مذهب السلف ، وهو الذي نظره وأظهر للناس ، وألف فيه وشرحه وبسطه وأوضحه وأزال الشبه عنه ، ونفض الغبار الذي تراكم عليه في القرون التي تلت التابعين ورد على خصوم هذا المنهج ، ودحض اقاويلهم ، ودمغهم بالدليل ، وداسهم بالبرهان ، فأظهر هذا المنهج أيما إظهار ، ونصره أيما نصر ، وخدمه أيما خدمة ، فصار معلوماً للخاص العام ، وعلمه في دروسه وفي خطبه ، ودعا إليه سراً وجهراً ، حتى في مجالس الملوك ، وفي ديوان السلطان ، وفي بلاط الوزراء والأمراء ن وفي مجامع القضاة فكان ينتصر لهذا المذهب ويغضب له ، ويرى أنه الحق وأنه الأسلم والأعلم والأحكم ، وكل رسائله ومؤلفاته وكتبه تشهد بذلك ، فلو قلت : إن الناصر – حقيقة – لمذهب السلف من عصر ابن تيمية إلى الآن هو ابن تيمية لما ابتعدت عن الصواب ، وكل من أتي بعده في الغالب من متبع السلف استفاد منه ، ونهج نهجه ، وانتفع بكتبه ، وسار على منواله ، فمن مقل ومستكثر ، فرحم الله هذا إمام ، ما أحسن تقريره لمذهب السلف ، وما أوضح شرحه ، وما ابسط عبارته ، وما أحسن مقاله ، وما أجمل تأليفه في هذا الباب ، حتى إنا نقر – والحمد لله – بأننا استفدنا كل الفائدة من هذا الإمام في معرفة منهج السلف في المعتقد ، وفي العبادات ، وفي السنن ، وفي كل شأن من شؤون الدين ؛ فجزاه الله عنا خير الجزاء . |
|
07-31-2014, 06:42 PM | #14 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
ابن تيمية مع الدليل من تميز ابن تيمية أنه صاحب دليل وبرهان ، فلا يقول قولاً له دليل في الكتاب ولا في السنة إلا أورده ، وهمه أن يعتصم في كل مسالة بآية أو بحديث ثابت ، فليس صاحب هوى وليس مقلداً متعصباً ، بل يطلب الحق أينما وجد ، ويريد الحجة ، ويفرح بالبرهان ، ويتبع الدليل ، يسير معه حيثما سار ، سواء كان في أصول المسائل أو في فروعها ، فتراه إذا كان الدليل مع أي مذهب من المذاهب – سواء كان حنفياً أو مالكياً أو شافعياً أو حنبلياً – ذهب معه وأعرض عما سواه ، وهو يوصي طالب العلم أن يعتصم في كل مسألة بدليل ثابت ، ثم لا يلتفت إلى قول أحد من الناس كائناً من كان ، ويرى أن على طالب العلم أن يدور مع الدليل حيثما دار ، ولا يكون مقلداً ، فإن العلماء ليسوا أنبياء معصومين ، وهذا الذي ميز شيخ الإسلام ؛ حيث جعل لكلامه من الخلود والقبول والرسوخ والصالة والعمق ما ليس لغيره ، فليس ضعيفاً في إيراد الكلام ، بل تجد عليه أنوار النبوة تلوح ، وعليه براهين الحق تسطع . ابن تيمية مربياً أثرت الشريعة على ابن تيمية في حياته وفي أخلاقه وفي سلوكه ؛ فتجده متلذذاً بالعلم سائراً معه ، قد ظهرت بركة المللة عليه في كلامه وفي حواره وفي مناقشاته وفي ردوده ، وتجده في غصون كلامه ينصح ويوجه ويرشد ويدعو ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فقلما يورد قضية إلا وجه إلى الحق فيها وبين الصواب بقلم سيال وبلفظ جذاب ، وهو مدرسة في التربية وفي التوجيه ، ليس ناقلاً فحسب وليس مكتفياً بعرض رأيه فقط ، بل يعرض رأيه ويدعو البقية إلى طلب الحق ، فهو بهذا يربي الجيل ويوجههم إلى ما فيه خيرهم . أبن تيمية مفسراً في سيرة ابن تيمية انه قد حوى التفسير وطالع كتبه جميعاً ، سواء المأثورة منها أو العقلية التي تعتمد على الرأي ، ثم فهم الجميع ، وحصرها وعصرها ، ثم أخرج لنا درراً في غصون كلامه ، وقد نقل أن له تفسيراً خاصاً به ، لكن الذي طالعناه من كلامه في التفسير عجب من العجاب ، فأحياناً يورد الآية ثم يسهب في مقاصدها ومعاينها ومراميها وأحياناً يغلط كثيراً من المفسرين ويرى أهم وهموا وأخطئوا في ما ذهبوا إليه ، كل ذلك بأصالة لا تعرف الضعف ، وبكلام رجل عرف اللغة وعرف مدلول الكلام ،وعرف النقل صحيحه وسقيمه ، وعرف أراء المفسرين وأقوالهم في المسألة ، فصار بحق من أعظم المفسرين الذين مروا في تاريخ الإسلام ، واشاد كل من ترجم عنه بهذه الميزة فيه ، بل عدوا من أعظم ما تميز به ميزة التفسير . ابن تيمية محدثاً علم الحديث علم شريف جليل والمحدثون هم بمنزلة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهم خيار الأمة وصفوة الأجيال ، وقد أشاد بهم ابن تيمية ومدحهم بشتي المدائح ، ونوه بذكرهم وقال إن لهم نصيباً من قوله سبحانه وتعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) ، وأنزلهم منزلة الصحابة في الفضل ، وأنزل أهل المنطق والفلسفة منزلة المنافقين ، والرجل صاحب حديث فأحياناً يتكلم عن السد والعلل الخفية ، وأحياناً يتكلم عن الاعتبار وعن الشاهد وعن المتابعة ، كما يضيف الضعيف ، ويوهن الواهي ، ويبين الموضوع ، ويتكلم عن المعنى بكلام لا أحسن منه ، وينسب الحديث إلى من خرجه ويبين مصادر كل رواية ويبين الزيادة ، ويعرف الشاذ ، ويدرك المنكر ، ومن طالع كتبه بتمعن وجد أنه محدث من أكبر المحدثين ، بل شهد له معاصروه بذلك كالكزي والذهبي والبرزني ، وغيرهم من أهل الحديث . |
|
07-31-2014, 06:53 PM | #15 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
ابن تيمية فقيهاً الفقه هو إدراك معنى النص والغوص في دلالة النقل ، وهكذا كان ابن تيمية، فليس فقهه فقه من ينقل الأقوال أو يتبع كلام الأئمة ويحفظه وينقله لنا ، لكنه أدرك أقوال الأئمة جميعها ، وأقوال الموافقين والمخالفين وأهل المذاهب والروايات المختلفة لكل عالم، ثم جعل النص نصيب عينيه واستنبط منه ، ثم ذكر من وافقه ومن خالفه ، والعجيب فيه عينيه واستنبط ، والعجيب فيه سرعة بديهته ،وجودة استنباطه ، وحسن انتزاعه المعنى من الدليل ، فهو الفقيه بحق في فتاويه ، وفي تقريراته ، وفي مراسلاته ، وفى عرضه للمسائل ،حتى إن لامه لا يختلف من كتاب إلى كتاب أو رسالة إلى رسالة ، بل تجد الرسوخ ، وتجد الاتفاق ، وتجد المعنى ، فأحياناً يبسط المسألة ، و أحيانا يختصرها ، لكن المقصود أن كلامه واحد لا يتغير . ابن تيمية مناظراً نقل عنه أهل السير انه كان يحضر مجالس المناظرة ، وتعقد له مناظرة مع خصومه ومخالفيه فيأتي بما يبهر الألباب ، ويعلو عليهم وينتصر بالحجة الدامغة ، والبيان الخلاب ، والذاكرة الواعية ، والبديهة اللماحة ، حتى إنه ناظر كثيراً من الطوائف في حضور السلطان وعلى مرأى من الخاصة والعامة ، فكان الحق معه وان الله يؤيده ؛ لأنه يريد الحق وحده ، وقد ذكر كثير من أهل التاريخ أن علماء الطوائف اجتمعوا له وهم في وصف وهو وحده في وصف قال بعض المؤلفين واصفاً الموقف : ولكنها بحيرات صغيرة صادفت – والله – بحر ثجاجاً ، وذرات صادفت جبلاً راسخاً وكان لا يكل ولا يمل من المناظرة ، بل كان يستدرج من يناظره ويحاوره حتى يوقعه ويصرعه ، كل ذلك ومقصوده أن يكون الحق هو المنتصر في الأخير ، فليس قصده المغالبة لذاتها ، ولا قصده الظهور والشهرة ولا قصد أن تكون له منزلة ولا مكانة ، فقد ترك المنازل الدنيوية لأهلها ، وأبى المناصب وعاف الولايات ، واعرض عن المال – كما أسلفنا – فالمقصود انه ما كان يحجم ولا يجبن وقت المناظرة ، بل كان جرئياً ذا قلب شجاع ثابتاً كالأسد في حومة الوغى . ابن تيمية مجاهداً عرف ابن تيمية بالجهاد العلمي والعملي ، فجاهد جهاد الكلمة ، عبر الدروس والخطبة والمحاضرة والوعظ والنصائح والكلمة ، عبر الرسالة والمؤلف والفتوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد بالنصائح عند السلاطين ، وعند الظلمة ، وعند المخالفين من الطوائف،والجهاد بالسيف ، فقد حضر غزوة ( شقحب ) ، ودعا الناس للجهاد ، بالفطر في رمضان ، وثبت ثبات الجبال ،وأبلى بلاء حسناً ،ودخل على السلاطين بقلب جريء ثابت ، حتى تعجب منه الناس وذهل منه أصحابه وقالوا: ما رأينا أشجع منه ، لا كل ولا مل ولا جبن ، فغفر الله له . ابن تيمية عابداً لا خير في العلم إذا لم يورث عالماً عابداً صاحاً مصلحاً ولا أثر لمعرفة الإنسان الإنسان إذا لم ترشح على تصرفاته أخلاقاً وسلوكاً ، كان ابن تيمية في جانب العبادة من الصالحين الكبار ، عمل بعلمه، - رحمه الله – في عباداته الخاصة ، فكانت صلاته طويلة ، مخبتاً في ركوعه وسجوده ، كثير الذكر حتى إنه لا يفتر لسانه ، وربما استغفر ألف مرة أو أكثر الابتهال ،وكان يردد دائماً لا حول ولا قوة إلا بالله ، وكان كثير الابتهال والتضرع ، كثير الدعاء والبكاء ، كثير المسألة والإنابة ، كثير التوبة ،وكان يرى أن زاده هو الذكر ، وأن قوته هو التسبيح ، وكان يجلس بعد صلاة الفجر إلى أن يتعالى النهار وهو يردد الفاتحة ،ويمضي الليل الطويل ما بين الركوع والسجود والقنوت والبكاء والتضرع ، وكانت تلوح عليه أنوار الطاعة ، وإذا خرج إلى الأسواق ورآه الناس كبروا وهللوا ، ومن رآه ذكر الله عز وجل ورأى فيه القدوة المثلى والأسوة الحسنة ، وكان إذا قرأ القرآن قرأه بصوت خاشع مبك حزين ، وكان له تأملات في كتاب الله عز وجل وله تدبر ، وكان كثير الصدقات ، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كثير الإصلاح بين الناس ، كثير التواضع ، جم الأخلاق ، عفيفاً منيباً صادقاً . |
|
07-31-2014, 06:59 PM | #16 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
كلامه عن اليهود فقد كشف ابن تيمية زيفهم وبين مخازيهم في كثير من كتبه وفي غصون كلامه ، شارحاً للآيات التي وردت بصددهم ، عارفاً – رحمه الله – ضررهم على الأمة وما فعلوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ملماً بكتبهم وفرقهم وطوائفهم ، كل ذلك وقصده محاربتهم وحماية الدين منهم . كلامه مع النصارى عايش ابن تيمية النصارى في الشام وعرف طوائفهم وفرقهم معرفة تامة ، وألف كتاب ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ) يبين فيه زيفهم وخطورتهم على الإسلام وما خالفوا فيه شرع الله عز وجل وما ضلوا فيه ، فإن النصارى علموا بلا علم ، واليهود عندهم علم بلا عمل ، فبين – رحمه الله – ما على النصارى من مؤاخذات تقدح في أصول الشرائع وتخالف ما جاء به الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وما نزلت به الكتب ، كل ذلك بالإنصاف والحجة والرهان والعدل ، ليس بالتشهي ولا بالهوى . كلامه مع الملاحدة الإلحاد جريمة كبرى في الدنيا ولعنة ساحقة ما حقة في العالم ، وهو قديم ، وهو قديم قدم الظلالة في الأرض ؛ ولذلك كان ابن تيمية – رحمه الله - يتصدى لهذا النفس سواء من أهل النظم أو أهل النثر ، ممن انتسب للإسلام أو من المنتسبين لغيرة من الفلاسفة واهل المنطق ومن سار على منهجهم ، فيبين انحرافهم المشين ، وغوايتهم الظاهرة ، وسبب كل غواية ، بل يأتي إلى الملحد فيبين أصل إلحاده ، ومنشأ هذا الإلحاد وسببه وأقوال ذاك الملحد ونقولاته ، سواء كان من الصوفية الاتحادية أو الحلولية وسواء كان من أهل الفلسفة أو من أهل المنطق ، أو من أهل الهوى والزيف ، وقد يجمع له رسالة في ذلك ، أو كتاباً مستقلاً في غصون كلامه في مؤلفاته. كلامه مع الرافضة من أحسن كتب شيخ الإسلام على الإطلاق ( منهاج السنة ) ، ولو ذهب ذاهب من مكة إلى الصين حافياً ماشياً لطلب هذا الكتاب لكان سفره قليلاً ! فإن الرجل بحق أتي بكتاب لم يسمع بمثله ، وجادت قريحته بهذا المؤلف المبارك الخالد ، فبين كل البيان بالأدلة الشرعية القاطعة ، والحجج العقلية ، وبالتنزل ، وبالحوار الصادق ، وبالكلمة الجزئية الناصعة مخالفة الرافضة لأهل السنة ، واعتداءهم على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبهم للشيخين ، وكذبهم وافتراءهم وعدم معرفتهم بالتقل ، وعدم صدقهم ،وعدم وضوحهم في المنهج ، والعجب في هذا الكتاب أنه يستدرج خصمه ويستزله ثم يحفر له قليباً – كما يقول بعض أهل العلم - ، ثم يضعه فيه ، ثم يطم عليه ويتركه مكانه . ومنهاج السنة ظهرت فيه أمور منها : الانتصار لأهل البيت ، ولأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ومنها بيان الكذب والزيف الذي دخل على الأمة من طريق الرافضة ومنها أن الحق ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل البيت، وفي أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ، وفي المعتقد ، وهو الذي عليه أهل السنة واتباع السلف الصالح . |
|
07-31-2014, 07:04 PM | #17 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
كلامه عن الخوارج الخوارج قوم مارقون منتسبون إلى الإسلام ، وأخبر صلى الله عليه وسلم بأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم ، وصيامكم غل صيامهم وتلاوتكم إلى تلاوتهم ولهم أتباع ويرون الخروج على أئمة الجور ، ويرون سل السيف على الأمة ،ويكفرون بالكبيرة ،وقد تتبعهم ابن تيمية في كتبه وبين مخالفتهم واصل نشأة فكرتهم الضالة وبين أسباب شططهم وجورهم ، ودمغهم بالدليل ، وبين الحق الذي ينبغي في هذه المسائل بياناً شافياً كافياً لا عوج فيه ، فأثبت أن أهل السنة ليسوا خوارج بل هم متبعون للدليل لا يخرجون على أئمة الجور ولو ظلموا ما لم يروا كفراً بواحاً ، ولا يكفرون صاحب الكبيرة ما لم يستحلها ، بل هو مؤمن ناقص الإيمان أو فاسق ، ويأخذون بالكتاب والسنة ،ولهم منهج آخر مغاير للخوارج الضلال . ابن تيمية وكلامه عن المرجئة والمرجئة قوم يقابلون الخوارج ؛فهم يرون أن أصل الإيمان واحد ، وأنه لا يزيد ولا ينقص ،وأنه يضر مع الإيمان ذنب ، وأن صاحب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان ، وهذا كله خطأ مخالف للكتاب والسنة ، وقد بين ابن تيمية خطورة هذا المسلك ، ورد عليه في كتبه ،وشرح وبسط ، وبين أن أهل السنة ليسوا مرجئة ،وأن الإيمان يزيد وينقص ؛ ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وأنه متفاوت والناس متباينون فيه على درجات ، وان إيماننا ليس كإيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وأن صاحب الكبيرة فاسق بكبيرته ناقص الإيمان ، وأن الذنب يضر في الإيمان ، وكل ذلك مخالف لما سارت عليه هذه الفرقة . ابن تيمية والجهمية والمعطلة نشأت ناشئة من معطلة النصوص عطلوا أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى وصفاته العلا ، ألحدوا فيدين الله عز وجل ، وقالوا بخلق القرآن ، وقد صار لهذه الفرقة شأن وصوله وجولة في عصر المأمون ،وتصدى لهم الإمام أحمد – رحمه الله – في مسالة القول بخلق القرآن ، وأتى ابن تيمية بعده بقرون فبين أصل هذه الشبهة ، ورد عل الجهمية رداً مفصلاً في كثير من كتبه ودحض زيفهم ،وبين أن أهل السنة ليسوا جهمية معطلة ، وأنهم يثبتون الأسماء والصفات كما أتت في الكتاب والسنة ، بلا تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تحريف ولا تعطيل ،وأن القرآن كلام الله عز وجل ليس بخلق من خلقه، وإنما هو من أمره تبارك رب العالمين . ابن تيمية وكلامه عن المعتزله والمعتزلة قوم قدموا العقل على النقل ، وقدموا الرأي على الدليل ، وأثبتوا الأسماء ونفوا الصفات ، فتتبعهم ابن تيمية ورد عل أئمتهم ردوداً ، وأورد من الأدلة القاطعة والجامعة المانعة ما يؤيد مذهب أهل السنة في الباب ، وأن أهل السنة ليسوا معتزلة ، وأن النقل مقدم على العقل ، وبين أن العقل أصلاً لا يتعارض مع النقل ،وأتي بكتابه الشهير الخطير الذي يقول عنه ابن القيم ما طرق العالم مثل هذا الكتاب وهو ( درء تعارض العقل والنقل ) في عشر مجلدات كبار ، بين فيه هذه الشبه وزيفها ، ودحضها وأقام الحجة وأوضح المحجة لأهل السنة بجواب شاف كاف . |
|
08-08-2014, 02:12 PM | #18 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
ابن تيمية والأشاعرة الأشاعرة اقرب الناس لأهل السنة ، ومن أئمتهم أناس نفع الله بهم ودافع بهمم عن المللة ، بل ردوا على المعتزلة وردوا عل الجهمية المعطلة ، ولكنهم خالفوا أهل السنة في كثير من المسائل ، بينها الشيخ ابن تيمية في كتبه وأوضح الحق في ذلك ؛ كمخالفتهم في إثبات سبع صفات ونفى الباقي من الصفات ، وبين أن القول في بعض الصفات كالقول في البقية ،وأن من أثبت صفاته لله عز وجل يلزمه أن يثبت بقية الصفات ، وأن القول في الصفات كالقول في الذات ، وقد ذكر هذه القواعد في رسالته المباركة ( التدمرية ) ، فليس أهل السنة اشاعرة بل يثبتون الأسماء والصفات عل ما جاء به كتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتقيدون في ذلك بالدليل ، وهم على ما قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما قاله تابعوهم بإحسان ، فليعلم ذلك . ابن تيمية ولاكلامه عن الصوفية كتب ابن تيمية كتاب ( الاستقامة ) وجله عن مذهب التصوف ،وله كلام في الصوفية في فتاويه ورسائله وفي كتب أحرى ، بين الحق فيها زيفهم ، وبين منهم الغالي وصاحب البدعة المكفرة والمفسقة ، ورد على الحلولية وعلى الاتحادية وكفرهم ، وذكر ائمتهم وبين شبههم ومخالفتهم لكتاب الله عز وجل وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكشف خطورة منهج التصوف على الدين ؛ لأن الصوفية أماتوا الدين وعطلوا النصوص ، وأماتوا الجهاد ، وشابهوا النصارى في قتل النفس ،وفي منعها من المباح ، وفي الصعاب ، وابتداع طقوس ما أنزل الله بها من سلطان ،وانتهاج نهج مخالف لأهل السنة في سكناتهم ، في موالدهم وفي اجتماعاتهم ، في هيئاتهم في خزعبلاتهم وترهاتهم ، كل ذلك رائدة الدليل والحق وليس الهوى والتشهي . ابن تيمية وكلامه عن القدرية والجبرية أهل السنة يثبتون لله قضاء وقدراً فالذي قدر الأمور هو الله عز وجل ، سبق علمه ثم كتابته ثم مشيئته ثم إنقاذه لقضائه وقدره جل في علاه ، وخالف في ذلك طائفتان ؛ قدرته يرون أن الأمر لم يقدر وأنه أنف ، وانه لم يسبق علم من الله عز وجل ، ومنهم من قال لم يسبق علم ولم يسبق كتابه ، ومنهم من قال لم يسبق علم بل سبق تقدير ، فأخطأ هؤلاء وهؤلاء ، والصحيح أنه سبق علم وتقدير ومشيئة ثم إنقاذ ، وقابلهم فرقة أخرى وهم الجبرته ، وقالوا : إن العبد مجبور على فعل المعصية ، وأنه لا مشيئة للعبد أبدا ، ببل هو كالريشة في مهب الريح ، وكالميت بين يد الغاسل ، فبين ابن تيمية ، فبين ابن تيمية خطأ هؤلاء ، وخطأ هؤلاء ، وبين أن للعبد مشيئة تحت مشيئة إله عز وجل ، وأنه ليس مجبوراً على المعصية ، وأن له اختياراً تحت اختيار الله جل في علاه، وأن الحجة البالغة له سبحانه وتعالى ، وأنه لا حجة لعاص على الله تعالى بعد إرسال |
|
08-08-2014, 02:16 PM | #19 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
توقيع ابن تيمية لابن تيمية كلام خاص يستميل العقول ، وله عبارات أخاذة مؤثرة تعلم بالاستقراء أنها لابن تيمية ، فمن سبر كتبه وقرأ رسائله وتبخر في علومه حفظ له مصطلحات وجمل وكلمات كأنها من الأمثال عند الشعراء ، أو من الشواهد عند البلغاء ، حتى تصلح أن تكتب في براويز وأن تعلق من جودتها ومن سطوعها ، مثل قوله : إن المعاصي تمنع القلب من الجولان في فضاء التوحيد ، مثل قوله: ليس في العالم أحد يدور معه الحق حيثما دار إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، فكلامه حجة على غيره وليس كلام غيره حجة عليه، ومثل قوله : الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة ، والورع ترك ما قدر يضر في الآخرة ،ومثل قوله : عن الفقير والغني أفضلها أتقاهما عند الله ،ومثل قوله : علم الفلسفة كلحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل ، ومثل قوله عن علم الفلسفة – أيضا – إنه لحم خنزير في طاسة من ذهب ؛ يعني أنه خبيث في عبارات براقة ، ومثل قوله : من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدى غير هدى الله الذي أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً يوم القيامة ، ومثل قوله : كل أرض لا تشرق عليها شمس الرسالة فهي أرض ملعونة ،وكل قلب لا يهتدي بهدي هذا الدين فهو قلب مغضوب عليه . الشاهد أن للشيخ عبارات براقة سارت ها الركبان،وحفظها الأذكياء من الناس ، وصارت كالطابع على البريد، وكالختم على الخطاب ، تحفظ حفظاً وتنقل نقلاً . عباراته ابن تيمية له أسلوب خاص يعرف بالاستقرار ، حتى إن من أدمن النظر في كتبه يعرف كلامه ولو لم ينسب غليه ، فجزا لته وفخامته وقوته وإشراقه تميز عن كلام غيره من العلماء ، فليس فيه ضعف وليس فيه هشاشة ،وليس فيه تصنع ،وليس فيه تنطع ولا تكلف ؛ بل تجد النصوع والقوة والتدفق والجلالة ،مع ماكساه الله عز وجل من بهاء ؛ لأن صاحبه متبع للدليل مؤمن بربه ، صالح في نسه ، فأثر ذلك في كلامه حتى صارت عباراته أخاذة يفيد منها الخطيب والواعظ والمؤلف والمصنف واصبح من أراد أن يقوي كلامه يأخذ في غصون حديثه كلاماً لابن تيمية فيصبح مقبولاً عند الناس ن وهذا من فضل الله على هذا العبد الصالح الجليل ن فليس فقط صلاحه في نفسه وتأثيره في كلامه ن بل تأثيره في كتبه وعباراته الرائدة الرائعة . استدلالاته ابن تيمية – كما أسلفنا – صاحب دليل وبرهان ،وهو يستدل بالنقل وبالعقل ،ويستدل بالحال ،ويستدل بالمشاهدة ، وله في ذلك مقامات جليلة في عرض المسائل، فهو يعرض الآية ويشرحها ويفصلها ،ويعرض الحديث الصحيح ويبينه ، ثم يعرض الشبهة العقلي ويردد عليها برد عقلي ،ويرد على القوم من كلامهم ،ويظهر تناقض الخصوم ويبين عوارهم ويظهر زيفهم للناس، فهو ليس عاطفياً يجلب بخيله ورجله بلا برهان ولا دليل، بل يطيل النفس في الاستدلال ، وتمضي معه في توافقه في استنتاجه وتعلم أن الحق معه ؛ لأنه يذهب معك في طريق طويل ، ثم يجمع في هذه الطريق كل ما يساند قوله من الحجة والبرهان والمثل والشاهد والآثار والاعتبار ، كل ذلك مع نفس تأبي الظلم ولا تريد الباطل ن إنما تنشد الحق أينما كان . طول نفسه ابن تيمية – رحمه الله – واسع البطال وليس محدود الثقافة ، فإذا كتب استطرد لجودة محفوظة وكثرة علومه وتعدد معارفه وتنوع تحصيله العلمي ، مع ذاكرة جبارة هادرة غنية ثرية تثري الموضوع وتكفي وتشفي ، فيطول نفسه ويسيل قلمه ويدخل من باب إلى باب ، ومن علم إلى علم ، ومن فن إلى فن ، فلا يزيد إلا إشراقاً ، ولا يزيد إلا لموعاً ، ولا يزيد إلا عظمة وفخامة وجلالة ؛ وسبب ذلك ما آتاه الله عز وجل من استعداد فطري للعلم ، ومن قوة حافظته ، ومن غزارة مادته ، ومن صبر وجلد ، يظهر ذلك في كتاباته ؛ فأحياناً يوجز في الجواب ويقول قد بسطت ذلك في موطن ، كذا ، وأحياناً يكرر الجواب ولكنه لا يكرره بفصه ونصصه ، بل يأتي بفوائد عجيبة وغريبة لم يوردها في الجواب الأول ، وربما عرضت له القضية عشرات المرات فيجب ويتكلم ، ثم يأتي بفوائد لم توجد أصلا في العشرات التي مرت ، ويسأل أحياناً عن مسألة فيجيب عليها ، ثم يأتي باستطرادات عجيبة وطريقة وشريفة تكون للسائل أفضل ضل وأفيد من جواب السؤال الذي سأل عنه ، وهذا منهج معروف في الشرع . |
|
08-08-2014, 02:20 PM | #20 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: *** ركني الهادي *** من حبر اقلامهم ***
سرعة خطه من لطائف سيرة الشيخ ابن تيمية أنه سريع الخط ، فخطه أسرع من كلامه إلا أنه معلق اشد التعليق ومغلق ، يفكه بعض تلاميذه كابن رشيق وغيره ، ولكن الساهد أنه ربما ألف في ألف الواحد أربع كراريس ،وربما ألف الجلسة الواحدة كتاباً ( كالتدمرية ) ، و ( الحموية ، و( الواسطية ) ، وقد درست كل واحدة منها في سنة دراسية في الجامعات ، وربما كتب كتاباً في عدة أيام ، فكان يتناول القلم ثم لا يتوقف ، وليس عنده أوراق ولا مراجع ولا كتب قريبة منه ثم لا مصنفات ، وإنما يفيض الله سبحانه وتعالى عليه من فتوحاته، ومما استودعته ذاكرته العجيبة القوية ، فتنهال عليه وتسخو ، وتمطره بشآبيب من المعرفة ، وتسح سحاً وتسيل سيلانً ، وتتدفق تدفقاً ، فيكتب سريعاً مملياً كل ما جاد به خاطره في الموضوع ، من شرح لآية ، أو بسط لحديث ، أو كلام عقلي ن أو كلام معرفي ، أو كلام لخصومه من الفلاسفة وأهل المنطق وعلماء الكلام والفقهاء والصوفية ، ومن سار مسيرهم من كافة الطوائف . تعدد معارفه سبق القول عن تفنن ابن تيمية في العلوم ، وأضيف هنا إن ابن تيمية لم يكتف بمعرفة دون معرفة ، ولم يتخصص في فن دون فن ، بل ابحر وتعمق في كثير من الفنون والمعارف ، حتى إنك إذا قرأت له في فن تظن أنه سخر حياته لهذا الفن فحسب ، وانه اعتنى بهذه المعرفة فقط ، وما ذاك إلا لعدة أمور ، منها : ما وهبه الله – عز وجل – من ذكاء بارع ، ومن ذاكرة قوية ، ومن جد ومثابرة ، ومن تفرغ للبحث والقراءة والاستفادة ، ومن نفس وثابة وهمة عالية لا ترضى بالدون ؛ فإنه على سبيل المثال أتى إلى علوم أجنبية كعلم الفلسفة والمنطق وعلم الكلام فمهر فيها وأبحر ورسخ ، ثم رد على أصحابها ونقض شبههم شبهة شبهة ، بين الحق في هذه المسائل ، وقد رأينا وقرأنا لمن تبحر في علم الحديث مثلاً ، فأفتى عمره في هذا العلم ثم لم يستطع أن يكون فقيهاً ،ورأينا من رسخ في علم الفقه ومهر فيه ثم لم يستطع أن يكون محدثاً ، ورأينا من تخصص في علم التفسير وأمعن النظر فيه فصار مفسراً ، لكنه قصر في علم الحديث وعلم الفقه ، فما بالك بمن ألم بعلوم الإسلام علماً علماً ، ثم أتى إلى العلوم الوافدة الغربية فمهر فيها علماً علماً ، فأتي بالعجب العجاب ! ... ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . تنوع أساليبه ابن تيمية له أساليب متعددة في طرحة للموضوع ؛ فمرة يوجز العبارة إذا رأى أن المقام لا يحتمل الإكثار ، ومرة يبسط القول ويسهب ، ومرة يذكر الدليل إذا علم أن السائل بحاجة غليه ، ومرة يكتفي بإيراد الجواب والكلام فحسب ، ومرة يذكر الأقوال المتعددة في الباب ، ومرة يكتفي بالقول الراجح ، وأحياناً يذكر الأدلة بإسهاب سواء العقلية أو النقلية ، ومرة يكتفي بالنقل في الباب ، وأحياناً يصرح بأسماء أصحاب الأقوال ، وتارة يكتفي بذكر الأقوال دون نسبة إلى قائليها ، وأحياناً يأخذ الجزئية من المسالة فيذكر ما قيل فيها من القديم والحديث حتى تأتي في مجلد ، وأخرى يأتي بها في اسطر ، وأحيانا تجده يرد على الأقوال الضعيفة في المسالة ويبين الراجح ، وأحياناً يبين الراجح دون أن يرد على الأقوال الأخرى ويكتفي بذكر الصحيح في الباب . تاليفه ترك ابن تيمية للمكتبة الإسلامية تراثاً عامراً وتركه مباركة ، فهو من أكثر من ألف على طول تاريخ الإسلام من أهل العلم ، لكنه تأليف جاد مفيد ناع باق بإذن الله ، وهو من العمل الصالح الذي يبقى لصاحبه ، ولا أعلم عالماً نفع بتأليفه الأمة في عدة فنون كهذا العالم ، ولا أعلم عالماً نفع الله بتأليفه الأمة في عدة فنون كهذا العالم ، صحيح أن أحمد بن حنبل –مثلاً- أو البخاري ، أو الشافعي ، أو مالك ، لهم تأليف نافعة ، لكنها في أبوابها جزاهم الله خيراً عن الإسلام ، غير أن ابن تيمية ترك عدة تأليف في عدة فنون ؛ فنفع أهل الإسلام في باب التفسير ، والفقه ، والمعتقد ، وأصول الفقه ، والمنطق والفلسفة ،وعلم الكلام ، إلى آخر ذلك ، فهو مفيد في عدة أبواب ، نافع في كثير من الفنون،والعجيب في تأليفه أنها سارت بها الركبان ، وصارت حديث الناس ، ودخلت الجامعات ، واستفاد منها أهل العلم على تعدد مشاربهم ، فما بين مختصر وشارح ومستفيد وناقل وجامع . |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Rss Rss 2.0
Html
Xml Sitemap SiteMap
Info-SiteMap
Seo By RaWABeTvB_Seo