أذكار ما بعد الصلاة فيما ورد عن رسول الله

أذكار ما بعد الصلاة فيما ورد عن رسول الله

عبد العزيز الصائغ


الحمد لله رب العالمين حمدا ً يليق بجلاله وعظيم سلطانه .. وبعد :

فهذه أسطر كتبتها في ذكر ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة من الأذكار فأقول مستعيناً بالله تبارك وتعالى :

أولاً : قول ( أستغفر الله , أستغفر الله , أستغفر الله ) . لحديث : ثوبان رضي الله عنه , قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً .. ) . رواه مسلم قوله ( انصرف من صلاته ) أي سلم من صلاته.

فائدة : ظاهر الحديث أن هذا هو أول ما يقال بعد الصلاة لقوله: ( إذا انصرف من صلاته قال أستغفر الله ) .

مسألة : هل يزيد فوق الثلاث شيئاً كأن يستغفر أربعاً أو خمساً ؟.

الجواب : لا يزيد , لأنه لم ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , زاد , وان كانت الزيادة خير وزيادة في الأجر إلا أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم , وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم بالأتباع وعدم الابتداع .

تنبيه : زيادة العظيم , لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم , وعلى هذا فإن المسلم يقتصر على قول ( أستغفر الله ) فقط ولا يزيد العظيم . وفي الأذكار للنووي : قيل للأوزاعي وهو أحد رواة هذا الحديث كيف الاستغفار ؟ قال تقول : أستغفر الله أستغفر الله . سبل السلام للصنعاني ج1ص506 .

مسألة : لماذا شرع الاستغفار بعد الفريضة مع أنها عبادة ؟.

الجواب : قال الصنعاني ( الاستغفار بعد الصلاة إشارة إلى أن العبد لا يقوم بحق عبادة مولاه ولما يعرض له من الوسواس والخواطر فشرع له الاستغفار تداركاً لذلك ) سبل السلام ج1ص 506.

فائدة : ما ورد عن البراء – رضي الله عنه – مرفوعاً : ( من استغفر الله دبر كل صلاة ثلاث مرات , فقال : أستغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه , غفرت ذنوبه , وإن كان قد فر يوم الزحف ) فرواه أبو يعلى , وابن السني , بسند ضعيف جداً . تصحيح الدعاء , ص 431 .

ثانياً : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام ) لحديث ثوبان رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً , وقال : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام ) . رواه مسلم . وفي رواية : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام ) بحذف حرف النداء , وهو أبلغ . تصحيح الدعاء ص 431.

قوله ( ومنك السلام ) أي : منك نطلب السلامة من شرور الدنيا والآخرة . قوله ( ذا الجلال و الإكرام ) أي : ذو الغنى المطلق والفضل التام , وقيل : الذي عنده الجلال و الإكرام لعباده المخلصين , وهذا من عظائم صفاته تعالى . سبل السلام للصنعاني ج1ص 506.

مسألة : إن كان إماما ً قال هذا الذكر بعد الاستغفار, وهو مستقبل القبلة , ثم ينصرف إلى الناس ويقابلهم بوجهه , ولكن ليعلم أن هذا ليس بسنة وإنما يعتبر تهيئاً للانصراف من الصلاة لحديث عائشة رضي الله عنها قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام ) .

وأما ما ورد عن بعض الأئمة من كراهة جلوس الإمام بعد السلام من الصلاة فهو في حق الجلوس الطويل الخارج عن الشرع والعرف لا في حق الجلوس اليسير . تحقيق الكلام في أذكار الصلاة بعد السلام , للشيخ / ذياب الغامدي ص 90 زيادات لا تثبت :

1- زيادة لفظ ( وتعاليت ) بعد لفظ ( تباركت ) .

2- زيادة لفظ ( وإليك السلام ) بعد لفظ ( ومنك السلام ) .

ثالثاً : أن تقول ( سبحان الله ) ثلاثاُ وثلاثين مرة , و( الحمد لله ) ثلاثاُ وثلاثين مرة , و ( الله أكبر ) ثلاثاُ وثلاثين مرة . ثم تقول تمام المائة ( لا اله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين , وحمد الله ثلاثاً وثلاثين , وكبر الله ثلاثاً وثلاثين , فتلك تسع وتسعون , وقال تمام المائة : لا اله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , غفرت له خطاياه , وان كانت مثل زبد البحر . رواه مسلم.

صيغ أخرى : سبحان الله الحمد لله الله أكبر لا اله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا اله إلا الله التخريج 33 33 33 مسلم 33 33 34 مسلم 25 25 25 25 النسائي 10 10 10 البخاري الأفضل من هذه الصيغ التنويع.

رابعاً : قول ( لا اله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد . لحديث المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم , كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة (لا اله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) . متفق عليه.

قوله ( لا مانع لما أعطيت ) أي : أن من قضيت له بقضاء من رزق أو غيره فلا يمنعه أحد عنه . قوله ( الجد ) بفتح الجيم – قال البخاري – معناه : الغنى , والمراد : لا ينفعه ولا ينجيه حظه في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان , وإنما ينجيه فضلك ورحمتك .

خامساً : قول ( لا اله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , لا حول ولا قوة إلا بالله , لا اله إلا الله , ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن , لا اله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . لما جاء في حديث أبي الزبير قال : ( كان ابن الزبير رضي الله عنه – يقول دبر كل صلاة حين يسلم : لا اله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , لا حول ولا قوة إلا بالله , لا اله إلا الله , ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن , لا اله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) وقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة . رواه مسلم .

سادساً : قراءة آية الكرسي . لما ورد عن أبي أمامة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ) رواه النسائي وصححه ابن حبان و الألباني .

سابعاً : قراءة المعوذات ( سورة الإخلاص ) ( سورة الفلق ) ( سورة الناس ) . لحديث عقبة ابن عامر – قال : ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :( قل هو الله أحد ) ( قل أعوذ برب الفلق ) ( قل أعوذ برب الناس ) , تعوذ بهن فإنه لم يتعوذ بمثلهن .

فائدة : ما ذكر في تكرار المعوذات ثلاثاً بعد الصبح و المغرب ليس من أذكار دبر الصلوات بل ليس هناك دليل يدل عليه , و إنما هو من أذكار الصباح و المساء .

تم بحمد الله والله أسأل التوفيق والسداد وأن يغفر لوالدي ولشيخي الفاضل المربي ولجميع علمائنا ومشايخنا .


يا له من دين

المصدر: الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري