بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن رجل قابل صديقه فاستقله بسيارته،فقال لصديقه صاحب السيارة مال سيارتك قديمة،ثم ذهب معه إلى بيته وعندما لمح
أثاث بيته قال له،لماذا تركته هكذا حتى بلي فلم تجدِّده،فلما رأى أبناءه قال،بسم الله ماشاء الله على أبنائك،لكن لماذا لايرتدون
ملابس قيمة، يقول شخص صديقي كان راكباً معي في سيارتي ونزلت للبقالة وجلس في السيارة فلما عدت وجدته قد فتح درج السيارة وعبث بمحتوياته وقرأ ما
فيه من أوراق فغضبت منه جداً وعنفته على ذلك فقال لي أنا مثل أخوك فقلت له هذا العمل ما فيه من أخوه ، اللقافة تبدأ بالفضول فعندما يكون الإنسان فضولياً
يبدأ بالسؤال ليش سويت كذا والمفروض تعمل عكس ذلك،عن ابي هريره رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من حس إسلام المرء تركه ما لا
يعنيه)رواه الترمذي وابن ماجه ،بإسناد صحيح الشيخ الألباني،أمثال هؤلاء مكروهون من المجتمع لأنهم لايأبهون لمشاعر من يجرحون،ويركزون على المعايب لا على
الإيجابيات،يقول ما بداخله،إن كثرة النقد والسخرية من الآخرين داء ومرض، ينبعث من نفس ملوثة بالعجب وبالكبر بدافع
الشعور بالفوقية المتغلغلة في الأعماق الضاربة في النفس،إن الساخر النقّاد يرى الناس من خلال صورته الداخلية غير
المتزنة،يهمه تحطيم الطموحات،ولايصعب على الناس يوماّ اكتشافه لكثرة ما به من عيوب وتعدد ما به من نقائص،فالذي
ينتقد كثيراّ غالباّ ما يعمل إلا قليلاّ،ولاينتج كثيراّ،إن همهم النقد الآثم المر والتحطيم الممنهج المدروس،والإهانة المتعمدة،مادمت
تبني وتعلي،وتسطع وتؤثر، فإن رأوا منهم هفوة ضخّموها،وجعلوا من البذرة شجرة،هؤلاء لايرون في الطعام
اللذيذ إلا الشعرة التي سقطت فيه سهواّ،ولايبصرون في الثوب النظيف إلا قطرة الحبر التي أصابته خطأ، ولافي الكتاب المفيد
إلا خطأ مطبعياّ،قال تعالى(لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم) الحجرات،إن اكتساب الناس وحفظ المودة
بينهم واستدامة الصداقات ومنع الشيطان من أن تمتد حباله في إفساد ذات البين أمور مرهونة بالكلام الحسن واللفظ اللين
وتجنب السخرية من الآخرين والإغضاء عن الهفوات (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم )كم
حطمت السخرية نفوساّ عالية،وقوضت همما سامية، وزرعت بذور الشقاق ، وحصدت التناحر والافتراق،كيف نواجه
هؤلاء،وأمثال هؤلاء لاينظر إليهم ولايعبأ بهم ولايلتفت إليهم،لأنهم لن يهدأ لهم بال حتى يروك محطماّ صفراّ،متخلياّ عن
كل مواهبك، طارحاّ كل قدراتك،لاتجعل منتقدك يشعر براحته حين يلمح قلقك واضطرابك من النقد،بل تفحص وجهه لتعرف أن
لسانه يقول ما في قلبه فلا تشف غليله بتوترك وضيقك،ولاتفكر في العزلة أو الوحده،بل قابل هؤلاء بابتسامة تدل على ثقتك
بنفسك،ستفيد من النقد البناء إن كان لاذعاّ في تعليمك قيمة كظم الغيظ والتواضع،فلا تحاول الدخول في مواجهة معه،وفي ذلك
يقول سفيان الثوري،من عرف نفسه لم يضره ما قاله الناس عنه،وكلما ارتفع الإنسان تكاثفت حوله الغيوم،فلا تشغل نفسك في
الرد على هؤلاء،والدفاع عن نفسك،فوقتك أثمن من أن يضيع في مجاراتهم ولغوهم،فوجه جهودك لرفعة نفسك،يكفيك أن هؤلاء يغتمون وقت سرورك، وأنه على قدر قيمتك يكون النقد الموجه إليك.
