الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري - عرض مشاركة واحدة

#1 10-01-2012, 09:46 PM

بســــم الله الرحمن الرحيم
ملك لسنة واحدة فقط

منذ زمن طويل
كانت هناك مدينة يحكمها ملك وكان أهل هذه المدينة يختارون الملك بحيث يحكم لمدة عام واحد فقط
وبعد انتهاء العام ينفى الملك إلى جزيرة بعيدة

حيث يكمل فيها بقية عمره
ويختار الناس ملكا آخر غيره وهكذا

وبعد انهاء أحد الملوك فترة الحكم الخاصة به
ألبسه الناس أغلى الثياب وأركبوه فيلاً كبيراً ..
وأخذوا يطوفون به في أنحاء المدينة قائلين له وداعاً
وكانت هذه اللحظة من أصعب اللحظات على الملك تماماً كما كانت على جميع الذين سبقوه

ثم بعد ذلك وضعوه في السفينة التي قامت بنقله إلى المنفى
حيث يكمل فيه بقية عمره
ورجعت السفينة إلى المدينة

وفي طريق العودة اكتشفوا إحدى السفن التي غرقت منذ وقت قريب
ورأوا شاباً جميلا متعلقاً بقطعة من الخشب عائمة على الماء

فأنقذوه وأخذوه إلى بلدتهم فأحبوه
وطلبوا منه أن يكون ملكاً عليهم لمدة سنة واحدة
في البداية رفض ثم وافق بعد ذلك

وأخبره الناس على التعليمات التي تسود هذه المدينة
وأنه بعد مرور عام سوف ينفى إلى تلك الجزيرة النائية التي نفي فيها الملوك من قبله
فوافق على ذلك

ثم بعد ثلاث أيام من تولي الشاب للعرش في هذه المدينة
سأل الوزراء
هل يمكنني أن أرى تلك الجزيرة
التي نفي فيها جميع الملوك السابقين
وافق الوزراء
وأخذوه إلى الجزيرة

ورآها وقد غطتها الحيوانات المفترسة
والتي تنتشر أصواتها في أرجاء الجزيرة
وشاهد بقايا آثار جثث الملوك السابقين بأنحاء الجزيرة
وأدرك على الفور
بأنه مالبث أن ترك الملوك السابقون في الجزيرة
حتى التهمتهم الحيوانات المفترسة
عندئذ عاد الملك إلى مدينته وجمع عدد كبير من العمال الأقوياء
وأخذهم إلى الجزيرة

وأمرهم بقتل جميع الحيوانات المفترسة
وازالة جثث الملوك السابقين
وبعد مرور شهر واحد تم القضاء على الحيوانات المفترسة
وازيلت اثار الجثث السابقة
ثم أمر العمال بزرع الورود في جميع أنحاء الجزيرة
وتربية الحيوانات الجميلة والأليفة
ثم أمرهم ببناء قصر جميل ومرسى للسفن
وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى لوحة فنية نادرة الوجود
وقد كان الملك ذكيا فكان يلبس الملابس البسيطة
ويقتصد في النفقة
وكان يكرس أمواله في إعمار الجزيرة
وبعد مرور 9 أشهر جمع الوزراء قائلاً
أنه يعلم أن الذهاب للجزيرة
يجب أن يتم بعد مرور عام من بداية حكمه
ولكنه يود الذهاب إلى الجزيرة الآن
ولكن الوزراء رفضوا قائلين حسب التعليمات
لابد أن تنتظر 3 أشهر أخرى ثم بعد ذلك تذهب للجزيرة

مرت الثلاثة أشهر واكتملت السنة
وجاء دور الملك لينتقل إلى الجزيرة

ألبسه الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على الفيل الكبير كالمعتاد
قائلين له وداعاً أيها الملك
ولكن الملك وعلى غير عادة الملوك السابقين كان مبتسماً مسرورا

وسأله الناس عن ذلك فأجاب بأن الحكماء يقولون:

عندما يولد الطفل في هذه الحياة يولد باكياً
بينما جميع من حوله يضحكون

بينما عند موته وخروجه من الدينا يبكي عليه الجميع
فمن الذكاء أن يكون ضاحكاً عند رحيله

فبينما انشغل الملوك الذين سبقوني
بمتعة أنفسهم وسرقة المليارات أثناء فترة حكمهم

كنت مشغولاً بالتفكير في المستقبل وخططت لذلك
وقمت بإصلاح وتعمير الجزيرة

وأصبحت الآن جنةجميلة خضراء
يمكنني أن أعيش فيها بقية حياتي بسلام

ـــــــــــــــــــــــ
والدرس المأخوذ من هذه القصة الرمزية :
أن هذه الحياة الدنيا هي مزرعة للآخرة
ويجب علينا ألا ننغمس في شهوات الدنيا
عازفين عن الآخرة
حتى ولو كنا ملوكا

يجب أن لا تكون الحياة هي الغاية وإنما هي الوسيلة.

ولا ننسى قول رسولنا الكريم صلوات الله عليه وعلى أل بيته :

لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال:

عن عمره فيما أفناه

وعن شبابه فيما أبلاه

وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه

وعن علمه ماذا عمل فيه

وصدق رسولنا الكريم عندما قال :
(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )

مما راق لي .

يام بن يصبا

المصدر: الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري