الخيانه شؤم

الخيانه شؤم

بسمِ الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




الخيانة القبيحة بكل صورها التي لعنتها كل الشرائع السماوية،وكفى بالخائن إثماّ أنه ابتاعَ دنياه بسوء السيرة،



وآخرته بغضب الرحمن،قال تعالى﴿وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل،فأمكن منهم والله عليم حكيم)يقول سيد قطب،إن




الإسلام يكره الخيانة، ويحتقر الخائنين الذين ينقضون العهود،ومن ثم لا يحب للمسلمين أن يخونوا أمانة العهدِ في



سبيل غاية مهما تكن شريفة،إن النفس الإنسانية وحدة لا تتجزأ، ومتى استحلت لنفسها وسيلة خسيسة، فلا يمكن أن تظل




محافظه على غاية شريفة،وليس مسلماّ من يبرر الوسيلة بالغاية،من أجلِ هذا كلّه يكره الله الخائنين ويكره الله الخيانةَ،قال



تعالى﴿إن الله يدافع عن الذين اّمنوا،إن الله لا يحب كل خوان كفور)قال تعالى،في هذه الآيةِ الكريمة، بأن الله لا يحب المبالغين




في الكفر وفي الخيانة،ولا شك أن الله يبغض الخائنَ والكافر،قال صلى الله عليه وسلم(آية المنافق ثلاث،إذا حدث كذب، وإذا وعد



أخلَف، وإذا اؤتمن خان)الراوي،أبو هريرة المحدث،البخاري ،المصدر،صحيح البخاري،جاء في الحديث،عن ابن عمر أن




رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان بن فلان، ( صحيح )وأخرجه \




البخاري ومسلم ،وجاء في الصحيحين عن رسول لله صلى الله عليه وسلم أنه قال( ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم



القيامة فيقال هذه غدرة فلان بن فلان بن فلان )قال ابن كثير،والحكمة في هذا أنه لما كان الغدر خفياّ لا يطلع عليه



الناس فيوم القيامة يصير علماّ منشوراّ على صاحبه بما فعل وهكذا يظهر للناس ما كانوا يسرونه من المكر ويخزيهم الله



على رؤوس الخلائق،وقال النووي في شرحه على مسلم ،لكل غادر لواء أي علامة يشهر بها في الناس لأن موضوع اللواء ا



لشهرة ،وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر وظاهره أن لكل غدرة لواء فيكون للواحد ألويةّ بعدد غدراته،قال ابن منير




عند استه،لأن عادة اللواء أن يكون على الرأس فنصبه عند السفل زيادة في فضيحته لأن الأعين غالباّ تمتد إلى الألوية



فيكون ذلك سببا لامتدادها للذي بدأت له ذلك اليوم فيزداد بها فضيحة،وجاء في تفسير الآية التي وعد الله فيها الدفاع عن



الذين آمنوا(إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور) قال القرطبي، فوعد فيها سبحانه بالمدافعة،ونهى




أفصح نهي عن الخيانة والغدر،والتنبيه على مسألة يفعلها كثير من الناس اليوم ، وهي أنهم يستأجرون الأجراء ولا يعطون لهم



أجراّ،هذا الذي يفعل يستأجر الأجير ولا يعطيه أجره يكون الله عز وجل خصمه يوم القيامة ،حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى



الله عليه وسلم قال ،كما قال تعالى في الحديث القدسي،ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة،رجل أعطى بي ثم غدر يعني،عاهد بي ثم



غدر والثاني رجل باع حراّ فأكل ثمنه حتى لو كان ابنه أو أخاه الأصغر ثم باعه وأكل ثمنه يكون الله عز وجل خصمه يوم




القيامة،والثالث هذا الرجل الذي استأجر أجيراّ فاستوفى منه، وقام الأجير بالعمل كاملاّ ثم لم يعطه أجرته،ذلك من يفعله بعض



الناس اليوم في العمال الذي يأتون بهم من الخارج ، تجده يستأجره بأجرة معينة مثلاّ ستمائة ريال في الشهر ، ثم إذا جاء



به إلى هنا ماطل به وآذاه ولم يؤت له حقه،وربما يقول له تريد أن تبقى هنا بأربعمائة ريال وإلا أسفرك،هذا والعياذ بالله يكون



الله خصمه يوم القيامة،ويأخذ من حسناته ويعطيها هذا العامل،لأن قوله إما أن تعمل بأربعمائة وإلا سفرتك،هذا استأجره



بستمائة ولم يعطه أجره،فيدخل في هذا الوعيد الشديد،









وهؤلاء الذي يأتون بالعمال ولا يعطونهم أجورهم أو يأتون بهم



وليس عندهم شغل،ولكن يتركونهم في الأسواق،ويقول اذهب وما حصلته فلي نصفه،كل هذا حرام والعياذ بالله،ولا يحل



لهم،وما أكلوه فإنه سحت،وكل جسد نبت من السحت فالنار أولى به،وهؤلاء الذين يأكلون أموال هؤلاء العمال المساكين،هؤلاء لا



تقبل لهم دعوة والعياذ بالله ، يدعون الله فلا يستجيب لهم ،عَن أَبِي حازم ،عَن أَبِي هريرة ،قَال،قَال رسول اللَّه صلى اللَّه علَيه


وسلم،وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر مطعمه حرام ، ومشربه حرام وغذى بالحرام يرفع يديه إلى السماء ، يا رب يا


رب أنى يستجاب له،هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم،حديث صحيح،وما يأكل هؤلاء من أجور هؤلاء العمال أو يظلمونهم به


، فإنهم يأكلونه سحتاّ،فهؤلاء الظلمة،يعاقبهم الله عقوبة عاجلة، فإن الإصرار على الذنب عقوبة،إذا لم يمن الله على الإنسان



بالتوبة من الذنب فاعلم أن استمراره في هذا الذنب عقوبة من الله له وبعداّ عنه، ولا تزداد سيئاته إلا كثرة،ولا يزداد إيمانه إلا نقصاّ، فعلى الإنسان أن يتقي ربه،





فنسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق.

المصدر: الملتقى الجماهيري للشاعر محمد بن فطيس المري