« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات » |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
الرضى بتدبير الله واختياره
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الرضى بتدبير الله واختياره من شأْن القوم أنهم سلَّموا إليه سبحانه التدبير كله، فلا يزاحم تدبيرهم تدبيره، ولا اختيارهم اختياره،لتيقُّنهم أَنه الملك القاهر القابض على نواصي الخلق، المتولِّي تدبير أَمر العالم كله،فلم يُدخلوا أَنفسهم معه في تدبيره لملكه وتصريفه أُمور عباده،بِلَو عسى ولعل ولا بليت،بل ربهم أَجلُّ وأَعظم في قلوبهم من أَن يعترضوا عليه، أَو يتسخَّطوا تدبيره، لأنها صنعه وأَثر حكمته، وهو سبحانه أحسن كل شيء في خلقه، وأَتقن كل شيء، وهو أحكم الحاكمين وأَحسن الخالقين، والعارف لا يعيب إلا ما عابه الله، ولا يذم إلا ما ذمَّه، وإذا سبق إلى قلبه ولسانه عيب ما لم يعبه الله وذم ما لم يذمُّه الله تاب إلى الله منه، كما يتوب صاحب الذنب من ذنبه، وكذلك لو أضَافَه صاحبٌ له فقدَّم إليه طعامًا، فجعل يعيب صفته ويذمُّه، أَكان ذلك يهون على صاحب الطعام، قالت عائشة(مَا عَابَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، إِن اشتهى شيئاً أَكله وإِلا تركه) قال الله تعالى(وإن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فلا كاشفَ له إلاَّ هوَ وإن يُرِدْكَ بخيرٍ فلا رادَّ لفضلهِ يُصيبُ به من يشاءُ من عبادهِ وهو الغفورُ الرَّحيم)سورة يونس مقاليد أمور الخلق، وتصاريف أقدارهم بيد الله سبحانه وتعالى، وهو الَّذي قدَّر ما هو كائن لهم أو عليهم، وهو الَّذي قسم بينهم أرزاقهم ولا رادَّ لإرادته، الخير والشرُّ،يصيب الله بهما من يشاء من عباده، ويكونان كجزاء عادل على أعمالهم من الله إليهم ليبلُوَهم ويختبرهم، أيُّهم يحسن التصرُّف بالخير حين جريانه بين يديه، وأيُّهم يحسن الصبر على الضُّرِّ إذا أصابه، ثمَّ يجازيهم أو يثيبهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة حسبما يستحقُّون، والمؤمن هو المستفيد الأوَّل من ثمرات هدايته واتِّباعه تعاليم الله عز وجل، والضالُّ هو أوَّل من يعاني من آثار تعنُّته وفجوره، والله غنيٌّ عن إيماننا ولا يضرُّه ضلالنا، إذا خرج الإنسان عن قواعد الله وتعاليمه الحكيمة الَّتي وضعها من أجل سلامته وسعادته، فإنه سيلقى عقاب الله تعالى في الدنيا أو الآخرة أو فيهما معاً، هذا هو قانونه الثواب والعقاب، فعمل الإنسان إمَّا أن يؤدِّي به إلى الإضرار بنفسه أو إلى خير يصيبه، فإن زكَّى نفسه فقد أفلح، وإن أهلكها بالمخالفات والمعاصي فقد خاب وهلك، لذلك جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الخير ليعلِّمَنا كيف ننقذ أنفسنا من دائرة عذاب الله، فقال(اطلبوا الخير دهْرَكُم، وتعرَّضوا لنفحات رحمة الله تعالى، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوه أن يستر عوراتكم ويؤمِّن روعاتكم)أخرجه البيهقي) وقد يسأل سائل،إذا كان الله يقدِّر الخير للطائعين والشرَّ للعاصين، فلماذا نرى الكثير من المؤمنين الطائعين وقد ابتُلُوا بمصائب مختلفة، كالمرض أو الفقر،أو فَقد الولد وغير ذلك، بينما نرى من العاصين من يغرق في النعيم والخيرات،في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال(لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته سرَّاءُ شكر وكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر وكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن)رواه مسلم، فالله تعالى إذا أحبَّ عبداً ابتلاه وكلَّما ازداد صبراً وشكراً ارتقت درجته عند الله،ولا يزال المؤمن بين شكر على النعم،وصبر على المحن حتَّى ينال درجة الأبرار والصدِّيقين، قال صلى الله عليه وسلم(أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء ثمَّ الأمثل فالأمثل،يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رِقَّة ابتُلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء الإنسان حتَّى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة)أخرجه الترمذي) وأيّاً كان قضاء الله تعالى في المؤمن فإنه يرضى به لأنه لا رادَّ لقضائه، فلو اجتمع الناس جميعاً على أن يدفعوا عنه ضُرّاً قد كتبه الله عليه فإنهم لن يردُّوه، ولو اجتمعوا على أن يمنعوا عنه خيراً قدَّره له فإنهم لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً،وقد أُثِر عن الرسول صلى الله عليه وسلم دعاؤه(اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء)أخرجه الطبراني،والرضا أعلى درجة من الصبر، وأمَّا الكفار والمتمرِّدون فقد يزيد لهم الله تعالى من أسباب النعيم والقوَّة، ما يجعلهم يزدادون ظلماً وطغياناً، حتَّى يستحقُّوا عظيم العقاب،قال تعالى يتوعَّدهم(وذَرْنِي والمكذِّبينَ أُوْلِي النَّعْمَةِ ومَهِّلْهُمْ قليلاً،إنَّ لَدَينا أَنْكَالاً وجحيماً)المُزَّمل، وهكذا فإنك ترى أن هذه النعم الدنيوية ما هي إلا امتحان يريد الله به اختبارنا أيُّنا أحسن عملاً، ومع ذلك فإنه تعالى يختصُّ برحمته من يشاء لنفسه الهداية، فيهديه إلى سواء السبيل، أنَّ أمور الحياة مرتَّبة من قبل ربِّ العالمين، ومقدَّرة من لَدُنْ عليم حكيم، منذ خلق الأكوان وأراد لهذه الخليقة أن تكون، وهذا الشعور يعطيه التوازن في ردود أفعاله، سواء في حالات الحزن أو الفرح، بحيث يمضي مع قدر الله، من للإنسان يحملُ عنه همومه ومصائبه وآلامه غير إيمانه القوي بالله، فكثيرٌ من الناسِ يُصابون بانهيارات عصبيَّة، أو أزمات قلبيَّة بمجرَّد تعرُّضهم لنكبة تقضُّ مضجعهم، أمَّا العبوديَّة الحقيقية لله فهي تعين المرء على الاستسلام الكامل لإرادة الله،فما نحن سوى مؤتمنين من قِبَله عزَّ وجل على أنفسنا ومالنا وأهلنا، وكلُّ حادث من خير أو شرٍّ يقع في الأرض هو في ذلك الكتاب(إنَّ ذلك على الله يسير)ومن شأن معرفة هذه الحقيقة في النفس البشرية، أن ترى فيها الطمأنينة عند استقبال الأحداث، خيرها وشرِّها،لأن فيها تهدئة للعواطف، فلا فرح طاغٍ، ولا حزن مُدمِّر، بل عواطف متوازنة، متماسكة، تضع المرء في حجمه الحقيقي دون مباهاة ولا تفاخر، فالَّذي أعطى قادر على أن يأخذ، والَّذي وهب قادر على أن يمنع، وكلُّنا لا حول لنا ولا قوَّة إلا بالله العليِّ العظيم، قال عكرمة رضي الله عنه(ليس أحدٌ إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً) وهذا هو الاعتدال الَّذي يتمتَّع به المسلم الحقيقي، إن هذه العقيدة الَّتي تملأ نفس المؤمن، هي من أعظم العلاجات لآثار الحوادث المؤلمة الَّتي تصادف الإنسان في حياته، وهي في الوقت نفسه، تُعَدُّ من أشدِّ العوامل الإيجابيَّة في النظر إلى المستقبل، حيث يُقبِل الإنسان على عمله ومسؤولياته وهو واثق بأن عمله لن يذهب سدى، فإن هو نجح فقد حقَّق مراده، وقطف ثمرات سعيه، وشكر الله المنعم، فكان خيراً له، وإن حال بينه وبين هدفه عارض سلبي، من مرض أو خسارة أو ما شابه ذلك، علم أن ذلك مقدَّر كائن ولا يستطيع دفعه مهما بذل، وليس له ملاذٌ إلا الصبر فكان الصبر خيراً له، لأن من ثمار الصبر الأجر والمثوبة عند الله من جهة، والحفاظ على الصحَّة من جهة أخرى، وهكذا يُقْبِل المؤمن وكلُّه ثقة بالله عزَّ وجل على المستقبل، بكامل طاقاته،ممَّا يهيِّئ له الفرصة للفوز والنجاح وتحقيق الأهداف، بعيداً عن التقاعس واليأس والقنوط، وفي سورة الكهف،قال الله تعالى(ولا تقولنَّ لشيء إنِّي فاعلٌ ذلك غداً،إلاَّ أن يشاءَ الله واذكرْ ربَّكَ إذا نسيتَ وقُلْ عسى أن يهدِيَنِ ربِّي لأقربَ من هذا رَشَداً) إنَّ ربط المؤمن مشيئته بمشيئة الله عزَّ وجل، حالة روحية تذكِّره بالله في كلِّ حين، وتخلق لديه شعوراً بالثقة والطمأنينة والتسليم، إن كلَّ عمل من أعمال الكائن الحي مرهون بإرادة الله، وليس معنى هذا أن يقعد الإنسان دون تفكير في أمر المستقبل أو التدبير له، بل من المفروض في الإنسان العاقل أن يخطِّط لأموره كلِّها، ويبرمجها وفق نظام يتقيَّد به، وبذلك يستثمر كلَّ أوقاته بشكل مُجْدٍ لا هدر فيه، ولكن يجب أن لا يغيب عن باله أنه يعيش ضمن المخطَّط الإلهي، وهذا يعني أن يحسب حساب الغيب، وحساب المشيئة الَّتي تدبِّره، وأن يعزم ويستعين بمشيئة الله، فلا يستبعد أن يكون لله تدبير غير تدبيره، فإن جرت مشيئة الله بغير ما دبَّر لم يحزن ولم ييئس لأن الأمر لله أوَّلاً وأخيراً، ويبقى في كلِّ أحواله متَّصلاً بالله، قويّاً بالاعتماد عليه، شاكراً لتوفيقه إيَّاه، مسلِّماً بقضائه وقدره.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-03-2014, 12:32 PM | #2 |
مشرفة القسم الاسلامي وقسم حرية الفكر وتطوير الذات
آل مره
|
رد: الرضى بتدبير الله واختياره
وعليكم السلام ورحمة الله
بارك الله فيكِ ام حمد ونفع بكِ اشكرك على هذه المشاركة الموفق تحيتي وتقديري |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-03-2014, 03:47 PM | #3 |
عضو ذهبي
|
رد: الرضى بتدبير الله واختياره
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لولوه المري [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] وعليكم السلام ورحمة الله بارك الله فيكِ ام حمد ونفع بكِ اشكرك على هذه المشاركة الموفق تحيتي وتقديري بارك الله في حسناتج حبيبتي ويزاااج ربي جنة الفردوس |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Rss Rss 2.0
Html
Xml Sitemap SiteMap
Info-SiteMap
Seo By RaWABeTvB_Seo